Heaven Upon Earth Logo

الإفخــارستيا

الإفخــارستيا

مشاركة المقال:

المنهج التفسيري للقديس كيرلس الكبير

مقارنةً مع مارتن لوثر، وزوينجلي
في تفسيرهم للوقا ٢٢: ١٧ – ٢٠ (النص الخاص بالإفخارستيا)

المقدمة

" ثم تناول كأسًا وشكر وقال: خذوا هذه واقتسموها بينكم، لأنى أقول لكم إنى لا أشرب من نتاج الكرمة حتى يأتى ملكوت الله، وأخذ خبزًا وشكر وكسر وأعطاهم قائلاً: هذا هو جسدى الذى يبذل عنكم . اصنعوا هذا لذكرى . وكذلك الكأس أيضًا بعد العشاء قائلاً: هذه الكأس هى للعهد الجديد بدمى الذى يسفك عنكم. "

يُعد هذا الفصل الكتابي من الإنجيل بحسب القديس لوقا، من أكثر الفصول الكتابية التى أثارت جدلاً، واحتدم حول تفسيرها نقاشًا واسعًا. ونظرًا لأن هذا النص الكتابي يعتبر أحد النصوص الأساسية فى تأسيس سر الإفخارستيا، العشاء الرباني، فإن الإختلاف فى تفسيره ، نتج عنه اختلاف حول ماهية سر الإفخارستيا.

ورقة البحث هذه تتناول هذا النص الكتابى من خلال تفسير أحد آباء الكنيسة العظماء وهو القديس كيرلس الاسكندرى “عمود الدين”. وذلك من خلال نظرة تحليلية لمنهجه التفسيري، وكيفية تعبيره عن الفهم الآبائى لسر الإفخارستيا من خلال التفسير الكتابي.

وسوف يتم تناول هذا المنهج التفسيرى تناولاً ليس مُنفرِدًا، ولكن بمقارنته بمنهجي تفسير آخريين لإثنين من المصلحين الغربيين وهما مارتن لوثر وزوينجلى.
ومن خلال النظر إلى هذه التيارات متوازية، سوف يظهر واضحًا نقاط التمايز ونقاط الالتقاء بينهم، وكيف أن المنهج التفسيرى ، فى هذا النص الكتابى على سبيل المثال، لعب دورًا واضحًا فى فهم ماهية سر الإفخارستيا عند كلٍ منهم

أولا ً: تفسير كيرلس الكبير للنص موضوع الدراسة ( لو22: 17 - 21)[1]

يرى القديس كيرلس في سر الشكر شركة مع المسيح، فسر الشكر هو واسطة لحلول المسيح فينا، بعد حلوله فينا بالإيمان “ليحل المسيح بالإيمان في قلوبكم”. وسر الشكر هو البركة المحيية، إذ يقول القديس: “إننا نستقبل داخلنا كلمة الآب الذي صار إنسانًا لأجلنا، والذي هو الحياة ومُعطي الحياة.”[2]

هذا ويبدأ كيرلس في إيضاح ماهية سر الإفخارستيا، ويبدأ شرحه من سقوط الإنسان وكيف أن سقوط آدم أدخل الموت والفساد إلى البشرية ولكن بتجسد الكلمة الذي هو الحياة، فتح باب الخلود مرة أخرى للإنسانية كلها. فالإنسان المائت لكي يعود إلى عدم الفساد، يلزمه أن يصير شريكًا للقوة المحيية. وقوة الله المحيية هو الكلمة وحيد الجنس، الذي صار جسدًا وحل فينا[3] (يو1: 14). وإذ صار جسدًا، رفع الجنس البشري فوق سلطان الموت والانحلال. ويقول كيرلس في هذا: “لذلك فإن الكلمة، إذ وحد مع ذاته ذلك الجسد الذي كان خاضعًا للموت، فلكونه الله و الحياة، فقد طرد منه الفساد (الانحلال)، وجعله أيضًا يصير مصدر الحياة، لأنه هكذا ينبغي أن يكون جسد ذاك الذي هو الحياة.”[4] وهكذا ينتقل بنا كيرلس إنتقالاً مُتقنًا من اتحاد الكلمة بالإنسانية في جسده، إلى إعطاء هذا الجسد أن يصير له قوة إعطاء الحياة بكيفية لا يعرفها إلا الكلمة فقط. فيصير لنا هذا الجسد الذي نأخذه في الإفخارستيا قوة حياة، فالذي نأخذه في الإفخارستيا عند القديس كيرلس هو بالحقيقة جسد الكلمة المحيي الذي مُنِح قوة الحياة من الاتحاد بالكلمة. ويبرهن عمود الدين على ما يقوله بأمثلة بسيطة مثل الحديد والنار. عندما يوضع الحديد في النار، فإنه يمتليء بفاعلية النار، هكذا جسد الكلمة المحيي، قد أُعطِيَ قوة إعطاء الحياة باتحاده بالكلمة.

ونحن نأخذه في الإفخارستيا، فتكون لنا الحياة فينا. ولئلا يعترض أحد على هذا قائلاً أن هذا يجعل لأجسادنا أيضًا القوة لإعطاء الحياة، فإن كيرلس يوضح الفرق بين صيرورة الكلمة جسدًا، أي التجسد،
وبين أن يشاركنا بجسده في الإفخارستيا. فالكلمة صار جسدًا حينما صار جسدًا، ولكن لا يُقال عنه أنه يتجسد مرة أخرى عندما يحل فينا.

ولكن يوضح كيرلس: “أن الكلمة يليق به أن يكون فينا إلهيًا بالروح القدس، وكذلك أيضًا -إن جاز القول- يمتزج بأجسادنا بواسطة جسده المقدس ودمه الثمين، الذين نقتنيهما أيضًا كإفخارستيا مُعطية للحياة في هيئة الخبز والخمر.”[5]. وهو يؤكد هذا باستناده على قول المسيح “هذا هو جسدي و هذا هو دمي”.

ثانيًا: نظرة تحليلية لمنهجية تفسير القديس كيرلس للنص موضوع الدراسة

من الواضح أن القديس كيرلس يفسر الإنجيل بعمق يتضح فيه الفهم الإنجيلي، وببساطة يتضح فيها الإيمان النقي بكلمات الوحي، وبأصالة تُظهر بوضوح إيمان الآباء السابقين.

فعند التأمل فى تفسير كيرلس للنص موضوع الدراسة، يمكن ملاحظة أن كيرلس لم يشرح الإفخارستيا من خلال النص الذي يفسره فقط، وبمعزل عن باقي النصوص أو عن العقائد الأخرى أو التقليد الرسولي.
إنما نظر إلى النص فى قرينته الكتابية والعقائدية أيضًا. وقبَِل المكتوب ببساطة وقوة. فما يعطيه المسيح هو جسده بالحق وهو دمه بالحق على الرغم من أنهما بنفس الوقت خبز وخمر حقيقين، نظرًا لأن خبز الإفخارستيا ليس مجرد رمز بل هو رمز و فى نفس الوقت حقيقة.[6]

وقد يتعجب شخص لهذا، ولكن يزول التعجب إذ يُفهم من دراسة الآباء أنهم لم يميزوا بين العرض والجوهر[7].

ولم ينشغلوا بالبحث عن الخط الفاصل ما بين المنظور وغير المنظور في الأمور الروحية، فعندما يتعامل الكاهن مع الخبز والخمر، فإنه يتعامل مع جسد ودم المسيح، على الرغم من بقاء العرض غير متغير، ويقول فى هذا بباوي :

… إن الآباء في القداسات القديمة اعتبروا الخبز مثالاً لجسد المسيح. و كلمة مثال هي الكلمة اليونانية “تيبوس” والذين يقرأون العهد الجديد باليونانية يعلمون أنها كلمة واسعة عند الرسول بولس، تعني النموذج أو الشيء الذي يخبر بشيء، وبالتالي فإن قداس القديس سيرابيون، وهو الصديق الحميم لأثناسيوس الرسولي، وفي القداس الباسيلي، النص اليوناني-وهو مختلف كثيرًا عن النص القبطي- هذا الخبز المقدس مثال لجسد المسيح، وبالتالي فعندما نكسر هذا الخبز و نشرب من هذه الكأس، فإننا نعيش الذكرى، ليس بالمعنى الموجود عند زونجلي وهو الشائع فى مصر بكل أسف، ولكن بالمعنى الشائع فى الكتاب المقدس، فالذكرى هى حضور. فالمسيح الحاضر فى وليمة العشاء الربانى يعطى حياته للمؤمنين، ويتذكر المؤمنون، ليس من قبيل النسيان، وليس بعمل عقلى مجرد ما حدث على الصليب و فى القيامة، و لكنهم يتذكرون بالاشتراك فى حياته ما فعله المسيح و ما وهبه لأجلهم فى الصليب و فى القيامة…[8]

وهذا هو ما يقصده كيرلس عمود الدين عندما يقول: “جسد المسيح هو جسد محيى. فحينما نقبله فى الافخارستيا بالاشتراك فى الخبز ” الروحى “، “السرى”، ” المحيي ” المُعطى لنا فى ” الأولوجية ” ( الإفخارستيا )، فإن جسد المسيح يجعلنا نحيا حياة جديدة، سماوية، إلهية، غير مائتة. وأما الروح القدس فهو الذى بحضرته الفعالة النشيطة والمغيرة يشرف ويقود عملية الإحياء هذه ويدخلنا إلى شركة الطبيعة الإلهية. فبالتناول من ذبيحة المسيح تنتقل حياة ابن الله ذاته، الموجود بحق على مذابح الكنائس إلى الذين صاروا أبناء بالتبني” [9]

ويقول أيضًا : “ليس الخبز إذا فى سر الأولوهية ( الافخارستيا ) مجرد رمز، ولكنه وجود حقيقي للرب. وما يظهر أمامنا ليس مجرد صورة، ولكنه فى الواقع حقيقة جسد المسيح عينه.”[10] ويظهر فى تفسير القديس لهذا النص أن فهمه الكريستولوجي يحتل مركز التفسير، فهو من خلال فهمه لسر المسيح يُفسِر، ويتضح هذا من موضع آخر إذ يقول: “حيث أن جسد المخلص صار محيياً بسبب اتحاده بذاك الذي هو الحياة بطبعه أي باللوغوس، لذلك فنحن حينما نأكل هذا الجسد ننال منه الحياة داخلنا لأننا نصير مُتَحدين به بمثل ما هو مُتحد باللوجوس الساكن فيه.”[11]

ويعلق على هذا الأب متى المسكين قائلاً : ” أي أن اتحادنا بجسد المسيح هو على مثال اتحاد هذا الجسد الإلهى باللاهوت الساكن فيه! وهكذا نرى فى معظم الأقوال السابقة أن القديس كيرلس يربط بين الإتحاد الأقنومى الذى تم فى المسيح وبين حلول اللوغوس فينا، أى بين شطرى الآية: “والكلمة صار جسدًا “، و”حل فينا”. ويُبَين أن الشطر الأول هو أساس و”وسيلة” تحقيق الثانى، وأن الثانى هو “غاية” الأول: ( السر الذى حدث فى المسيح هو “وسيلة” اتحادنا بالله ) [12]. ولئلا يعتقد أحد أن هذا الفهم خاص بكيرلس وحده، وأنه ليس أحد من الآباء نادى بهذا ، فإنه كيرلس نفسه يؤكد بوضوح أنه يحفظ شرح الآباء القديسيين [13]. هذا ويمكننا أن نجد إثبات هذا عند أثناسيوس الرسولي إذ يقول :
“لأن (الكلمة) لم يكن ضعيفًا أو قليل الشأن عندما قَبلِ المجد لنفسه كأنه يطلب أو يبحث لنفسه عن نعمة، بل أنه بالحرى ألَّه الجسد الذى لبسه. والأكثر من هذا أنه “أعطى” وسلم جسده المؤله هذا. بنعمه خاصة ومجاناً إلى الجنس البشرى (الأسرار )…ونحن إنما نتأله ( نتحد بالله ) ليس باشتراكنا (السرائرى) من جسد إنسان ما ولكن بتناولنا من “جسد” الكلمة ذاته”[14]

وبالطبع هذا الاقتباس يظهر بوضوح كيف كان لأثناسيوس الرسولي من قبل كيرلس نفس الإيمان الذي حفظه كيرلس، وكيف أن كيرلس يفسِر من خلال تمسكه بالتقليد الحي فى الكنيسة.
ومن الواضح أيضًا فى تفسير كيرلس أنه يفسر تفسيرًا روحيًا، فكما سبقت الإشارة فإنه لم يميز، شأنه شأن باقي الآباء، بين العرض و الجوهر، فهو ينظر للخبز والخمر المذكورين فى لوقا 22 ويتخطى حدود الحرف لكى يفهم بالروح الماهية الحقيقة لكليهما. وعلى هذا يمكن إجمال المنهج التفسيرى للقديس كيرلس فى ثلاثة مبادئ أساسية[15]، وضحت من خلال التأمل فى تفسيره للنص موضوع الدراسة وهى: أولاً: الأساس الكريستولوجى، فقد فهم الإفخارستيا، على سبيل المثال، بناءاً على فهمه لسر المسيح، ثانيًا: الأساس الكنسى و المُمثل هنا فى التقليد، إذ رأينا كيف حافظ على تقليد الآباء وتأكد هذا من مراجعة فكر أثناسيوس فى الإفخارستيا، ثالثًا: الأساس الروحى، إذ لم يقف كيرلس متحيرًا أمام مشهد المسيح وهو يقدم بنفسه خبز وخمر ويقول خذوا هذا هو جسدى ودمي.

والسؤال الآن هل تشابه منهج القديس كيرلس التفسيري مع أي منهج لأىٍ من مفسري عصر الإصلاح؟ وهذا هو موضوع الجزئية التالية.

ثالثًا : مارتن لوثر و تفسيره للوقا (22)

من المعروف أن لوثر كان عنده عقيدة واضحة فى سر الإفخارستيا، ودفاعه عن هذه العقيدة قد كلفه الكثير. إذ أنه بسبب تمسكه الشديد بما كان يؤمن به، نشأ الخلاف الكبير بينه و بين المصلح زوينجلى.

وكان (لوقا 22) أحد الأجزاء الهامة التى بنى عليها لوثر عقيدته. بل أن ( لوقا 22 ) “هذا هو جسدى” كانت الآية التي يكررها لوثر بلا أى ملل فى وجه معارضيه وقيل أنه فى المحاورة التى جرت بينه وبين زوينجلى فى ماربورج، كتب لوثر تحت غطاء مائدة المحاورات “هذا هو جسدى” وذلك حتى يذكر بها نفسه كي لا يحيد عن الطريق والفهم الصحيح.[16]

ولقد فهم لوثر وفسر النص موضوع الدراسة بأن المسيح عندما يقول “هذا هو جسدى” فهو يقصد ما يقوله بالضبط، على هذا فإن المسيح حاضر فعلاً وحرفًا في الخبز والخمر، ورفض لوثر حدوث تغير مادى فى الخبز والخمر، فمثله مثل الآباء لم يقع فى الحيرة ما بين الجوهر والعرض. وفهم لوثر قدرة المسيح عل جعل هذا الجسد محييًا واستعار من كيرلس تشبيه الحديد والنار[17] ولكي يفسر لوثر كيف أن الخبز والخمر لا يحدث لهما تغير مادي-(لا يحدث لهما ما يعرف عند الكاثوليك بالاستحالة)- ورغم ذلك فإن المسيح حاضرًا بالفعل فيهما، رجع لوثر إلى عقيدة التجسد. وقال أنه عندما تجسد ابن الله، والكلمة صار جسدًا، فإن ابن الله لم يتجرد من لاهوته والناسوت لم يختفى. ولكن احتفظت كلٌ من الطبيعتين بخواصهما دون أدنى تغيير أو تبديل[18]. وتشاركت كل من الطبيعتين فى الأخرى فكما أن اللاهوت تأنس، فهكذا ناسوت الرب تأله وأصبح له قوة الحياة فى ذاته بدون أن يفقد إنسانيته.[19]
وبالمثل ما يحدث فى الإفخارستيا، فإن الخبز يصبح جسد محيي والخمر هكذا، بدون أن يفقدا خواصهما المادية.

وهكذا نستطيع أن نلمح كيف أن لوثر وضع فى مركز تفسيره الفهم الكريستولوجي، فقد فهم (لو 22) على سبيل المثال والجزء الخاص بالافخارستيا، إنطلاقًا من فهمه للتجسد ولطبيعة شخص المسيح، كما أن لوثر لم يرد أن يحيد عن الآباء، وهذا واضح من تفسيره و يؤكد عليه أيضًا العالم الارثوذكسي جورج حبيب بباوى [20] ويشهد له حنا الخضرى إذ يقول : “يلاحظ القارئ أن تعليم لوثر يتفق كثيرًا و تعاليم الأسكندرية”[21]

واستنتاجًا مما تقدم، يمكن ملاحظة التلاقي ما بين كيرلس الكبير ولوثر فى المنهج التفسيري، فقد إتبع كلٌ منهما نفس المنهج تقريبًا فوصلا لنفس النتائج. بينما لم يفعل آخرون هذا، فوصلوا لنتائج مختلفة وهذا هو موضوع الجزئية التالية.

رابعًا : زوينجلى و تفسيره

فى تفسير زوينجلى للنص موضوع الدراسة، تناول “هذا هو جسدى” وفسر أن كلمة “هو” ينبغي أن يفهم معناها “يدل على” أو “يشير إلى” وبناءًا على هذا فقد رفض زوينجلى تمامًا أن يكون الخبز والخمر أكثر من مجرد ذكرى، ورفض تمامًا أفكار لوثر.

ويقول جون لوريمر عن زوينجلي: “فى رأى زوينجلى يجب أن تفهم كلمات النص على النحو التالى: “هذا، أي الشئ الذى أقدمه لكم للأكل، هو رمز لجسدي، مقدم لأجلكم، وهذا الذي أعمله الآن، يجب أن تعملوه أنتم مستقبلاً لذكري. مثل عيد الفصح عند اليهود يكون عشاء الرب عيد الذكرى العظيم للفداء …”[22]

واصطدم زوينجلى بالجدل الفلسفي كيف يكون المسيح بجسده الممجد فى السماء، فى نفس الوقت حاضرًا فى الافخارستيا، وعلى هذا فالافخارستيا عنده هى مجرد عمل للذكرى العقلية. ومن المُلاحظ أن زوينجلى فى صياغة عقيدته لم يحاول أبدًا أن يربطها بأيٍ من العقائد الأخرى، فلم يحاول مثلاً أن يفكر فى الأساس الكريستولوجى مثل لوثر ومن قبله كيرلس، كما أن زوينجلى لم يرجع للآباء، ولكن حصر نفسه في قضية فلسفية وجدل عقلي لا فائدة منه، واكتفى بالنظر إلى النص منعزلاً عن الأساسات التفسيرية الأخرى. ولذا جاءت عقيدته غير متوافقة مع روح الانجيل أو التعليم الآبائى.

الخاتمة

تناول الباحث فى هذه الورقة البحثية ( لوقا 22 : 17 – 20 ) كنموذج لنص فسره القديس كيرلس الكبير، كما فسره أيضًا المصلح مارتن لوثر ومن بعده زوينجلى، وأوضحت الدراسة كيف أنه يمكن تلخيص منهج كيرلس التفسيرى فى ثلاث أساسات واضحه الأساس الكريستولوجى، الأساس الكنسى متمثلاً فى التقليد الحىّ، الأساس الروحى للتفسير.

كما لوحظ تلاقى لوثر مع كيرلس فى الكثير من أساسات المنهج التفسيرى، فقد وضع لوثر الأساس الكريستولوجى فى مركز تفسيره ولم يحد عن الآباء.

وهكذا فقد خرج كلٌ منهما بعقيدة أقرب إلى التطابق بشأن سر الافخارستيا، فالافخارستيا عند كلٍ منهما هى بالحقيقة جسد ودم الرب المحيين وذلك دون تغير لمادة الخبز والخمر، بينما اختلف عنهما زوينجلى تمامًا، بل ووقف مع النقيض منهما بمنهجه التفسيرى المبتعد كل البعد عن منهجيهما، فالعشاء الرباني عنده ليس أكثر من ذكرى، وهكذا وصل لعقيدة مختلفة تمامًا عن روح الإيمان والتقليد بشأن هذا السر المقدس سر الافخارستيا.

– مايو ٢٠٠٧

المراجع

– الكتاب المقدس (ترجمة سميث – البستاني/فانديك).
– ابراهيم, جورج عوض. (محاضرات غير منشورة في تفسير الكتاب المقدس عند الآباء-كلية اللاهوت الإنجيلية العباسية, القاهرة, 2007).
– أحد رهبان برية القديس مقاريوس. دراسات في أباء الكنيسة. القاهرة: دار مجلة مرقس, 2000.
– الاسكندري, كيرلس.تفسير إنجيل لوقا. ترجمة نصحي عبد الشهيد. القاهرة: مؤسسة القديس أنطونيوس المركز الأرثوزكسي للدراسات الآبائية, 2006.
– الخضري, حنا. لوثر حياته و تعاليمه. القاهرة: دار الثقافة, 1984.
– المسكين, متى. التجسد الإلهي في تعليم القديس كيرلس الكبير. وادي النطرون: دير القديس الأنبا مقار, 1988.
– المسكين, متى. القديس أثناسيوس الرسولي. وادي النطرون: دير القديس الأنبا مقار, 2002.
– بباوي، جورج حبيب. العشاء الرباني, لوثر و الآباء. مقال منشور على الانترنت (www.coptology.com)
– رهبان دير القديس الأنبا مقار. الكنيسة جسد المسيح في تعليم القديس كيرلس الكبير. القاهرة: دار مجلة مرقس, 1993.
– لوريمر, جون. تاريخ الكنيسة-الجزء الرابع. ترجمة عزرا مرجان. القاهرة: دار الثقافة, 1990.

[1] كيرلس الاسكندري, تفسير إنجيل لوقا. ترجمة نصحي عبد الشهيد (القاهرة: مؤسسة القديس أنطونيوس.المركز الأرثوذكسي للدراسات الآبائية بالقاهرة, 2001) عظة 142, ص108
[2] المرجع السابق, 109
[3] بحسب الأصل اليوناني.
[4] المرجع السابق, 111
[5] المرجع السابق, 113
[6] رهبان دير القديس أنبا مقار، الكنيسة جسد المسيح فى تعليم القديس كيرلس الكبير.( وادى النطرون: دار مجلة مرقس، 1993 ) ص 37  
[7] جورج حبيب بباوى, مقال بعنوان “العشاء الرباني- لوثر و الآباء” www.coptology.org ص7
[8] المرجع السابق, ص7
[9] رهبان دير القديس أنبا مقار, مرجع سابق، ص39، 40 
[10] المرجع السابق ، ص40
[11] متى المسكين, التجسد الإلهي في تعليم القديس كيرلس الكبير.(وادي النطرون: دير القديس الأنبا مقار,1988) ص33
[12] المرجع السابق, ص33
[13] أحد رهبان برية القديس مقاريوس، دراسات فى أباء الكنيسة. ( القاهرة: دار مجلة مرقس، 2000 ) ص490  
[14] متى المسكين، القديس أثناسيوس الرسولى. ( وادى النطرون: دير القديس الأنبا مقار، 2002) ص508، 509  
[15] جورج عوض ابراهيم.(محاضرات غير منشورة في تفسير الكتاب المقدس عند الآباء.كلية اللاهوت الإنجيلية العباسية, القاهرة, 2007)
[16] حنا الخضرى، لوثر حياته و تعاليمه ( القاهرة: دار الثقافة ،1984) ص82 
[17] جون لوريمر، تاريخ الكنيسة- الجزء الرابع، ترجمة عزرا مرجان ( القاهرة، دار الثقافة ، 1990 ) ص 172 ، 173  
[18] حنا الخضري, مرجع سابق،ص95
[19] المرجع السابق ، 92
[20] جورج حبيب, مرجع سابق،ص7، 8
[21] حنا الخضري, مرجع سابق،ص82
[22] جون لوريمر, مرجع سابق،ص173

مقالات أخرى

تابعنا:

1 فكرة عن “الإفخــارستيا”

  1. د. ثروت احترامي وتقديري
    كم اشكر الرب لاجلك ولاجل روحة القدوس العامل بك لتعلم الحق كامل
    اود ان اقول لك ان الرب استخدم تعليمك وعظاتك ومقالاتك الممسوحة جدا لحياتي كثير جدا
    صلاتي لاتساع وامتداد ومسحات مضاعفة من العرش لكل جوانت حياتك وخدمتك
    احبكم كثيرا في الرب د. ثروت والاخت جاكلين المباركين

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

عن المؤلف

د. ثروت ماهر
د. ثروت ماهر
الدكتور ثروت ماهر هو رجل نهضات وخادم متفرغ للوعظ والتعليم والكتابة والبحث اللاهوتي. حصل على بكالوريوس الهندسة الميكانيكية من جامعة الزقازيق، ثم بكالوريوس الدراسات اللاهوتية بامتياز من كلية اللاهوت الإنجيلية بالقاهرة، ثم درجة ماجستير اللاهوت بامتياز من الكلية نفسها. وبعد ستة سنوات من الدراسة بجامعة ريجينت بفرجينيا، حصل الأخ ثروت على درجة الدكتوراة بامتياز في اللاهوت والتاريخ (PhD) من جامعة ريجينت في مارس ۲۰۱۹. كما يخدم د. ثروت ماهر في منصب العميد الأكاديمي بكلية لاهوت الإيمان الوسلية بميدان فيكتوريا منذ عام ٢٠١٩، وهو عضو بلجنة اعتماد كليات اللاهوت الدولية بالشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وقد أسس دكتور ثروت ماهر، وزوجته جاكلين عادل، في سبتمبر عام ٢٠١٦، خدمة السماء على الأرض وهي خدمة تعليمية تعبدية لها اجتماع أسبوعي بكنيسة المثال المسيحي بشبرا.