يقول الرسول بولس لتلميذه تيموثاوس هذه الكلمات بالروح القدس: “ليس أحد وهو يتجند يرتبك بأعمال الحياة لكي يرضي مَن جنده…” (2تي2: 4)… إن أراد أحد أن يكون جندي في جيش الرب، عليه أن لا يكون مرتبك بأعمال الحياة… مَن يتجند لا يرتبك بأعمال الحياة… لا يرتبك بأحلامه أو رغباته الشخصية، حتى لو كانت أحلامه هذه روحية أو أحلام للخدمة..!!
لو كنت تريد أن ترضي مَن جَندك، عليك أن ترضيه بطريقته هو، وليس بطريقتك أنت… وفي اعتقادي، لكي تقدر أن تحيا غير مرتبك بأعمال الحياة، عليك أن تعيش الإماتة..!! تعيش “موت المسيح، وقيامة المسيح”..!! وهذا هو ما قاله بولس لتلميذه تيموثاوس في باقي هذا الجزء من الاصحاح الثاني من هذه الرسالة…
يقول الرسول بولس لتلميذه تيموثاوس، ليشرح له كيف يعيش غير مرتبك بأعمال الحياة: “اذكر يسوع المقام من الأموات” (2تي2: 8) ويقول له أيضًا: “أنه إن كنا قد متنا معه فسنحيا أيضًا معه” (2تي2: 11).. لا ينصح الرسول بولس تلميذه تيموثاوس “أن لا يرتبك بأعمال الحياة” بدون أن يعطيه المفتاح الذي يساعده أن يحيا هذه الحياة.. والمفتاح هو “الموت مع المسيح والقيامة مع المسيح..” أن تموت عن احتياجاتك.. وأهدافك الخاصة، وأحلامك الخاصة أيضًا.. لكي تدرك ما هي أحلام الله وأهداف الله لك…
في الرسالة إلى فيلبي، يقول الرسول بولس: “أسعى نحو الغرض لأجل جعالة دعوة الله العليا في المسيح يسوع…” (في3: 14)… هنا بولس يدرك الهدف ويعرف كيف يسعى نحوه بدون ارتباك بأعمال الحياة، ولا يرتبك حتى بأمور الخدمة، فقد كان كل تركيزه على الهدف… إذ يقول: ” لكن ما كان لي ربحًا، فهذا قد حسبته من أجل المسيح خسارة. بل أني أحسب كل شيء أيضا خسارة من أجل فضل معرفة المسيح يسوع ربي, الذي من أجله خسرت كل الأشياء وأنا أحسبها نفاية لكي أربح المسيح…” (في3: 7, 8)… أدرك بولس دعوة الله لحياته، وأدرك أن الطريق لهذه الدعوة هو “الموت عن كل الأشياء”… وأدرك أن الطريق للموت عن كل الأشياء والحياة لدعوة الرب هو معرفة الرب ذاته…
نعم… في أحيان كثيرة يمكنك أن تقابل شباب يوجد على حياتهم دعوة حقيقية من الله… لكن دعوة الله لحياتهم ليست هي هدفهم!! لأنهم مرتبكين بأعمال الحياة!! أو حتى, في أحيان، مرتبكين بأمور الخدمة!!… ويمكنك أيضًا أن تقابل شباب آخرين مدركين لدعوة الله على حياتهم وهي الهدف الذي أمامهم، لكنهم منشغلين بالدعوة لدرجة الارتباك بها عن معرفة الرب ذاته..!!
الجندي الحقيقي للرب ينبغي أن يُمسَح من رب الجنود ذاته… وهذه المسحة الخاصة ستمكنه أن يحيا حياة “موت المسيح، قيامة المسيح الحقيقية”… وهذه المسحة الخاصة ستجعله جندي يُرضي مَن جنده، ولكن بطريقة مَن جنده…
تعالوا معًا نذهب إلى مثال من الكتاب المقدس لهذه الحياة التي يريدها الرب…
يقول الكتاب في (لو10: 38- 42): ” وفيما هم سائرون دخل قرية، فقبلته امرأة اسمها مرثا في بيتها. وكانت لهذه أخت تدعى مريم، التي جلست عند قدمي يسوع وكانت تسمع كلامه. وأما مرثا فكانت مرتبكة في خدمة كثيرة. فوقفت وقالت: يا رب أما تبالي بأن اختي قد تركتني أخدم وحدي؟ فقل لها أن تعينني!.. فأجاب يسوع وقال لها: مرثا.. مرثا.. أنت تهتمين وتضطربين لأجل أمور كثيرة، ولكن الحاجة إلى واحد فاختارت مريم النصيب الصالح الذي لن ينزع منها…”
يمكننا أن نجد, في هذا المشهد، مرثا كمثال للارتباك… إذ يقول الكتاب: “مرتبكة في خدمة كثيرة…” كانت مرثا تخدم خدمة كثيرة. وكانت دون تفكير تتخيل أنها سترضي السيد بالخدمة الكثيرة، وفي اعتقادي كانت مرثا تحاول أن تقدم محبة حقيقية… لكن اسمع ماذا قال لها يسوع.. ” مرثا.. مرثا.. أنت تهتمين وتضطربين لأجل أمور كثيرة, ولكن الحاجة إلى واحد”…. نعم.. الحاجة إلى واحد.. الحاجة هي أن تجلس عند قدمي الرب لكي تعرف ما الذي يجب أن تفعله له، كما فعلت مريم.. انظر ماذا يقول الكتاب عن مريم..”فاختارت مريم النصيب الصالح الذي لن ينزع منها…”
نعم.. فهمت مريم وأدركت ما هو النصيب الصالح… النصيب الصالح هو الجلوس عند قدمي يسوع… ولكي لا ترتبك بأمور الحياة أو الخدمة، يجب عليك أن تجلس عند قدمي يسوع.. عندما تجلس في محضره تعرف وتفهم ما هو الغرض والهدف… تجلس عند قدمي الرب فتصير إناء ممتليء ويفيض على الآخرين.. تجلس فتعرف مَن هو النصيب الصالح الذي لن ينزع منك.. هل تهتم أو تهتمي بأمور كثيرة، حتى لو كانت أمور خدمة أو أمور تصنعها لأجل يسوع.. صديقي.. انتبه!! إذا لم تقضي وقتًا حقيقيًا مع وأمام الرب, قد تتحول الخدمة، في أحيان كثيرة بدون أن تدرك، إلى خدمة هدفها نفسك وذاتك!! من المهم جدًا أن تعرف السيد الذي تخدمه.. ومن المهم أن تعرف لماذا تخدم وكيف تخدم!!
في موقف مرثا ومريم…لم يكن المسيح يلوم مرثا.. وهو لا ولم ولن يلومك صديقي!! لكن المسيح هنا كان يقول لمرثا أنه يعرف أنها تريد أن تخدمه.. لكن في نفس الوقت كان يقول لها أنها تهتم بأمور غير مهمة… أي كأنه يريد أن يقول: يا مرثا ويا أي شخص تريد أن تكون جندي صالح في خدمة السيد.. عليك أن تعرفني… تعرف السيد أولاً… وعليك أن تموت عن كل ما تريده أنت… عليك أن تموت عن كل ما تفضله أنت، حتى لو كان في الخدمة!!… اسمع صوت الرب قائلاً: ” الحق الحق أقول لكم: إن لم تقع حبة الحنطة في الأرض وتمت فهي تبقى وحدها… ولكن إن ماتت تأتي بثمر كثير..” (يوحنا 12 : 24).. نعم لابد أن تمت حبة الحنطة عن رغباتها وميولها وأحلامها… لكي تقوم وتأتي بثمر كثير… الموت.. هو الموت مع المسيح.. والقيامة.. هي القيامة مع المسيح.. وهذا لن يُعلَن في حياتنا إلا عندما نلتصق بالمسيح… لا نرتبك بأمور الحياة ونجلس في محضره وتحت قدميه…
نعم.. نعم يا رب… نريد أن نكون جنود صالحين في جيشك.. نريد أن نكون جنود غير مرتبكين وغير مشغولين بأمور الحياة… نريد أن تكون أنت لنا النصيب الصالح الذي لن ينزع منا أبدًا… نحن نحبك ونحب الجلوس في محضرك.. ونحب أحلامك وأهدافك.. ونريد أن نخدمك أنت بطريقتك أنت… سيدي.. امسحني لكي أخدمك ولكي أكرمك… امسحني لكي أسر قلبك كما فعلت مريم… آمين…
1 فكرة عن “غير مرتبكين بأعمال الحياة…”
تحياتي اخت جاكلين المباركة,
بركه ونعمة واستخدام في الازدياد لحياتك وشعب الرب, تباركت من كلام النعمة في مقالك.
اخت مادلين داود.حيفا,الاراضي المقدسة