الحب العجيب…

مشاركة المقال:

(الكثير من تفاصيل القصة المكتوبة في هذا المقال هي من خيال المؤلف، ولكنها بالطبع تعتمد على القصة الكتابية، ولا تتعارض معها.)

"أريد.. فأطهر.."

عبارة من كلمتين نطق بها الرب يسوع، قالها للأبرص الذي أتى إليه معذبًا من مرضه.. كلمتان “أريد، فأطهر” حملتا الشفاء الإلهي لهذا الرجل البائس الذي كان يبدو أنّ لا أمل له.. فهو أبرص.. والبرص لا حاضر له ولا مستقبل!!.. كلمتان من فم يسوع غيرتا للأبد شكل حياة هذا الرجل، الذي كان أبرصًا.. تعيسًا جدًا.. فصار مشفيًا.. فرحًا جدًا جدًا!! من إنسان لا مستقبل له.. إلى إنسان جديد.. المستقبل أمامه ليحلم به، بعد أن انقطعت أحلامه لسنين وسنين!!.. يا لها من عبارة تلك التي سمعها من فم الرب يسوع!! يا لها من عبارة لن ينساها طوال حياته!!.. “أريد، فأطهر”.. على الرغم من بساطتها، إلا أنها عندما تخرج من فم الرب يسوع، فإنها تغير الحياة.. تُذهِب الماضي بلا رجعة.. وتأتي بمستقبل الشفاء والحرية.. وكيف لا؟!! وقد خرجت من فم يسوع شخصيًا.. فحملت قوة لا يمتلكها العالم!! قوة الحب!! حب يسوع العجيب الذي يشفي ويغير الحياة!!

حريــــة وشفـــــاء...

يحكي لنا البشير لوقا في الإصحاح الخامس، قصة هذا الأبرص “المملوء برصًا” (لو٥: ٢٠).. في الحقيقة لم يكن أبرصًا عاديًا!! كان مملوء برصًا.. البرص يغطي كل جسده.. وبالتأكيد ضَعُف جسده جدًا بسبب البرص، ومن المحتمل أن بعض أجزاء من جسده قد تآكلت وسقطت!! فالمعروف أن البرص مرض عندما يتطور، قد يجعل بعض أجزاء الجسد تتآكل!! كان رجلاً في طريقه إلى الموت.. الموت البطيء الذي يعذبه عذابًا قاسيًا جدًا..

وفجأة..دخل يسوع المشهد.. هذا الأبرص البائس المملوء برصًا.. رأى يسوع عابرًا!!

التقاليد والأعراف والناموس كانت تُجبر هذا الرجل في ذلك الوقت على الابتعاد عن الناس تمامًا.. إذا سار الأبرص في طريق، فلابد أن يسير على جانب الطريق مبتعدًا ومعزولاً تمامًا عن الآخرين.. وإذا حدث واقترب منه شخص أو كاد يقترب منه شخص عن طريق الخطأ، كان على هذا الأبرص أن يصرخ بأعلى صوته مُحذرًا “نجس.. نجس” ليمنع أي شخص من الاقتراب إليه.. فهو في حكم الناموس “نجس” ومَن يلمسه يتنجس!!

رأى هذا الأبرص يسوع عابرًا.. وشعر أن خوفه من الناس يتلاشى أمام رجائه في أن يسوع يشفيه.. “آه لو شفاني!! آه لو شفاني كما شفى الأعرج والمجنون والأعمى.. آه.. يا ليته يشفيني!!”.. أتخيل أن هذه كانت صرخة الأبرص بداخله.. وأتخيل أنه رأى نظرات يسوع المُشجعة.. فأسرع الأبرص تجاه يسوع.. ويقول لنا الكتاب أنه خرّ عند رجلي يسوع.. سجد بكل ما عنده من أتعاب.. ارتمى عند قدمي يسوع بكل ماضيه.. علم الأبرص أن يسوع يقدر أن يشفيه، فقد سمع كثيرًا عن معجزات الرب يسوع.. علم الأبرص أن هذه اللحظات قد تكون فارِقة في حياته!! لقد سجد للرب وهو أبرص.. لكنه علم بداخله أنه يمكن أن يستقيم من سجدته هذه سليم مُعافَى تمامًا!!.. ولكنه متحير “هل يريد يسوع حقًا أن يشفيه؟!!” يسوع يقدر.. لكن هل يريد؟! تدافعت الكلمات من بين شفتي الأبرص “يا سيد.. إن أردت تقدر أن تطهرني”.. (لو٥: ١٢)…  “يا تُرى ماذا سيجيب يسوع؟!!.. آه حياتي كلها تتعلق برغبته في أن يشفيني!! ولكن هل يشفي نجس أبرص مثلي؟!! ينظر إليه الناس على أنه مضروب بسبب الخطية!!”.. هكذا أظن الأفكار تدافعت بذهن الأبرص وهو أمام يسوع.. مُرتميًا على ركبتيه وعينيه معلقة بالرب!!

ولكن قارئي العزيز.. يا لمجد غنى النعمة!! ما حدث بعد هذا كان فوق كل التوقعات!! انظر ماذا يخبرنا إنجيل مرقس عن هذه اللحظات.. يقول مرقس: “فتحنن يسوع.. ومد يده ولمسه وقال له: أريد، فأطهر” (مر١: ٤١)

تحنن يسوع.. آه يا إلهي الحنون.. يا مَن أحببتني فضلاً!! أيها الرب يسوع صاحب القلب الرقيق!! تحنن يسوع.. تحركت أحشاؤه.. أحشاء الحب والرأفة.. وكيف لا تتحرك أعماق الرب الرقيق المحب جدًا وهو يرى شخص مُعذَب يصرخ إليه.. تحنن يسوع.. ومازال يتحنن صديقي.. مازال يتحنن على كل مريض.. وعلى كل مرفوض ومطرود.. قارئي العزيز.. يسوع لا يشفي، فقط، ليبرهن على قوته وقدرته، مع أنه القادر القوي.. إنما شفى يسوع ويشفي وسيشفي لأن قلبه يتحنن.. يتحرك أمام أوجاع شعبه.. يا لحب الرب العجيب!! يا لقلبه الرقيق!!

مد يسوع يده ولمسه!! لمس الأبرص!! يا لغرابة هذا المشهد!! مَن يلمس أبرص يتنجس!! وأنت يا يسوع تمد يدك وتلمس الأبرص فيُشفى!!… “هل تلمسني حقًا..؟!” أظنها صرخة الذهول التي ملأت الأبرص!!.. “هل تلمسني؟؟ يا إلهي.. لي سنوات لم يلمسني أي شخص!! لقد تعب جسدي جدًا جدًا من الإحساس بالرفض وبالوحدة.. آه كم تمنيت أن يلمسني أي شخص!! كم تمنيت أن يلمسني أي شخص طوال السنوات الماضية.. ليقول لي أن حبه لي أكبر من خوفه مني!!.. يا إلهي!! إن يده تلمسني، وبدون خوف!!.. أشعر بموجات حب وشفاء تخرج من يده لي.. يا يسوع.. أنت تشفيني الآن.. شفاء الحب!! الحب يشفيني.. يشفي أعماقي!! يشفي ماضيّ!! ويا لمجد غنى النعمة.. يشفي برصي!! البرص يختفي!! جسدي أيضًا يُشفى.. يا لدفئ الحب!! ويا لمجد النعمة… عاد جسدي صحيحًا!!

زمن جديد...

نظر الأبرص إلى يسوع غير مصدق!! هل قد شفيت حقًا؟!! هل أستطيع أن أعود إلى بيتي مَشفي؟! هل أستطيع أن أعانق زوجتي وأقبلها.. أتناول طعامي معها.. ونعود نضحك ونحلم سويًا؟!! هل أمشي في الشارع في وسط الجموع بدون خوف.. بدون خزي!! هل بدأ في حياتي زمن جديد؟!! هل أستطيع أن أبحث عن عمل وأعمل وأكسب.. و.. و.. و.. يا إلهي.. شعر الأبرص بموجات الحب تتدفق من نظرات يسوع إليه.. نظرات التشجيع.. نعم.. إنه زمن جديد!!.. وقف الأبرص مدهوشًا بالحب.. أفاق من أفكاره على صوت يسوع الممتليء بالحب الذي يقول له بحسم: “امض وأر نفسك للكاهن وقدم عن تطهيرك كما أمر موسى شهادة لهم” (لو٥: ١٤)… اندهش الأبرص بعض الشيء.. هل لابد أن أفعل هذا وسط فرحتي هذه؟!!.. نظر إلى يسوع فوجد نظراته الممتلئة بالحب.. ممتلئة أيضًا بالإصرار!! شعر الأبرص أنه يريد أن يفعل أي شيء يأمره به يسوع.. لذا أسرع ليذهب إلى الكاهن ليُريه نفسه ويقدم قربانًا عن تطهيره.. ولكن قبل أن يذهب للكاهن، كان عليه أن يشتري عصفورين.. فهكذا كانت شريعة تطهير الأبرص!!.. “كان يُؤخذ للمتطهر عصفوران حيان طاهران وخشب أرز وقرمز وزوفا..” (لا١٤: ٤).. ويُذبح أحد العصفورين، ويؤخذ دمه ويوضع على العصفور الآخر، كما يوضع على الشخص المُتطهر.. ثم يُطلَق العصفور الآخر الذي غطاه الدم ليطير طليقًا حرًا!!.. هكذا كانت شريعة تطهير الأبرص!!..

العصفور الطليق..

حضر صديقنا الأبرص، أو الذي كان أبرصًا والآن مَشفيًا، حضر أمام الكاهن.. رأى الكاهن جسده وتأكد أنه قد شُفِيّ تمامًا.. لم يعد في جسده أي أثر للبرص، وحتى الأجزاء التي كانت قد تآكلت من جسده، عادت مرة أخرى جديدة.. صار لحمه كلحم صبي صغير!!.. أخذ الكاهن العصفور الأول الصغير.. وضع السكين على رقبته.. وبسحبة واحدة ذبح العصفور وسالت دماه.. في دقائق أتّم الكاهن كل ما يجب عليه أن يعمله.. غمس العصفور الحي في دم العصفور المذبوح، حتى غطاه الدم تمامًا.. أخذ الكاهن أيضًا من الدم ووضع على صديقنا المَشفِي، الذي كان أبرصًا!!.. لم يبق سوى شيئًا واحدًا.. أن يُطلق العصفور الآخر الحي المُغطى بدم العصفور الأول الذي ذُبح!!.. أخذ الكاهن العصفور الحي بين كفيه، ورفع ذراعيه نحو السماء.. فتح كفيه.. فانطلق العصفور سريعًا جدًا، كما لو أن الفخ انكسر وانفلتت نفسه!!.. حرك جناحيه الصغيرين بمهارة، وانطلق.. أخذ يعلو ويعلو نحو السماء، وكأنه قد أُنْقِذَ من حكم الموت!!

نظر صديقنا الأبرص المتطهر إلى العصفور الذي يعلو نحو السماء.. وشعر في أعماقه بشعور عجيب.. شعر أنه هو هذا العصفور الطليق!! نظر صديقنا إلى جسده فوجده ودم العصفور المذبوح يغطي أجزاءًا منه.. تمامًا مثلما غطى هذا الدم العصفور الذي طار حرًا!!.. لم يستطع صديقنا أن يحبس دموعه التي انهمرت على وجهه!! دموع الفرح.. الشفاء.. الحرية.. همس لنفسه: أنا هو هذا العصفور الطليق!! هكذا أشعر في نفسي.. إنني حرًا.. حرًا من المرض.. حرًا من الموت.. ياه يا يسوع!! كم أشكرك لأنك شفيتني.. حولت نوحي إلى رقص!! صرت عصفورًا طليقًا حرًا.. غطت مشاعر الفرح والشكر قسمات وجه صديقنا المَشفي.. بدأ يفكر في أيامه القادمة.. يتخيل ماذا سيفعل.. وماذا سيعمل.. وماذا.. وماذا…!!

وسط فرحته وأفكاره المتدافعة.. رنّ بداخله سؤال غير مُتوقَع: “مَن هو العصفور المذبوح؟؟”… أفاق صديقنا على دوي هذا السؤال بداخله.. تتابعت أفكاره: “إذا كنت أنا العصفور الطليق المُغَطى بالدم.. فمن يكون العصفور المذبوح؟؟..” سؤال عجيب.. ما الذي وضعه بداخلي الآن؟!! هكذا رددّ الأبرص المَشفِي بداخله.. بدا للأبرص أنه لا يحمل بداخله إجابة عن هذا السؤال.. قرر أن يُنهِي حيرته، بأن يعود مفكرًا في مستقبله مرة أخرى!! غاص مرة أخرى مع آماله وفرحه وتطلعات المستقبل.. لكن بقى بداخله علامة استفهام.. من هو العصفور المذبوح؟؟

العصفور المذبوح...

انقضت قرابة سنوات ثلاث منذ أن نال الأبرص شفاءه.. عاد الأبرص لبيته.. استرد علاقته المفقودة بزوجته.. بدأ عملاً جديدًا.. وباركه الله فيه جدًا.. آه.. كم يشعر بالعرفان بالجميل تجاه يسوع الناصري!!.. يوم بعد يوم يشعر بكم يحب يسوع الذي ردّ له حياته من جديد.. ما بين حينٍ وآخر يسمع أخبار يسوع.. كيف يجول في المدن والقرى يصنع خيرًا ويشفي المتسلط عليهم إبليس.. سمع ذات مرة أن يسوع شفى عشرة برص دفعة واحدة.. تذكر يوم شفائه.. يا له من يوم عظيم.. حين أشرقت له شمس الحياة من جديد!!.. سمع أيضًا أن يسوع يشبع الجموع بمعجزات.. بل سمع أن يسوع لمس نعش صبي ميت، فأقامه.. يسوع أيضًا يقيم الموتى!! أخبار الشفاء والقيامة وتسديد الاحتياجات في كل مكان.. يسوع أيضًا يعطي أتباعه سلطان أن يشفوا المرضى ويخرجوا أرواح الشر!! كان الأبرص المشفي يمتلئ بالفرح كلما سمع هذه الأخبار.. كان يشعر في كل مرة يسمع فيها عن معجزات الرب أنه هو الذي شُفي وقام من الأموات.. كان يتذكر لمسة يسوع له.. لا لن ينساها ما عاش من عمره…

ذات صباح، وعيد الفصح يقترب.. ذاعت أخبار في المدينة.. أنّ يسوع الناصري قُبض عليه بالأمس في بستان يدعى جثسيماني.. وهو الآن يُحاكَم وقد يُدان ويُصلب.. لما يحاكمون يسوع؟!!.. هكذا صرخ الأبرص غاضبًا إذ سمع هذه الأخبار.. ارتدى عباءته واندفع ذاهبًا إلى حيث سمع أن يسوع هناك..

وصل الأبرص المَشفي إلى حيث جموع كثيرة.. متزاحمين ليشاهدون ما يحدث.. مدّ الأبرص المَشفي عُنقه.. ليرى ما يتزاحم الناس لرؤيته.. يا إلهي.. إنه يسوع.. مُنحنِي على الرحى.. يُجلَد!! نعم يسوع يُجلَد.. كيف هذا؟!! لما هذا؟!! ما الذي يحدث؟!! تدافعت الأسئلة بذهن صديقنا.. وتدافعت معها دموعه على وجنتيه.. إن هذا هو يسوع الذي شفاني!!.. الذي أبرأ جسدي وردّ لي حياتي.. أراه وهو يُجلد.. ودماه تسيل بغزارة.. لحمه يتهرأ.. مُحتقر ومخذول من الناس.. ازدادت دموعه في الجريان على وجهه، وهو يرى جسد يسوع الذي تندفع منه الدماء غزيرة تحت جلد السياط… فجأة تذكر صديقنا شكل جسده عندما كان مصابًا بالبرص.. كيف كان متهريءً في أجزاء منه.. رنّ بداخل صاحبنا العزيز السؤال القديم.. “يا تُرى مَن هو العصفور المذبوح؟؟” آه.. يا إلهي.. هل هذا ممكن؟!! يســـــوع..!! العصفور المذبوح… هل يذبح لأجلي؟!! لا.. لا هذا ليس ممكنًا.. هل هو مذبوحٌ لأجل شفائي.. هل.. هل.. هل؟؟

مرت الساعات.. ساعات ثقيلة.. ظلمة وظلال كئيبة مرعبة.. نظر الأبرص المَشفي من بعيد إلى صليب يسوع المرتفع على جبل الجلجثة.. يسوع المصلوب.. المُنكس الرأس.. العصفور المذبوح.. الحمل الذي يرفع خطية العالم!!.. آه.. يا يسوعي.. يا مَن حملت الأوجاع والأحزان والأمراض.. آه أيها العصفور المذبوح لأجلي.. كم أحبك!!.. كم أنت مُستحقٌ أن تأخذ الحياة.. يا مَن مُت لتعطني حياتي!! مَن أنا يا رب بدونِ حبك.. خاطيء.. تعيس.. مريض.. كم أشكرك لأجل الحب العجيب.. كم أشكرك يا مَن أحببتني.. حبًا بلا حدود.. يا مَن جئت لأجلي.. مستهينًا بالخزي.. عاريًا على الصليب.. لتكسو عري روحي برداء برك!! مجروحًا لأجل معاصيّ.. مسحوق لأجل آثامي.. كم أحبك با رب!! أعني أن أحيا لك.. مكرسًا بالتمام.. لا أقدم جسدي لغيرك.. فقد اشتريتني بدمك، روحًا ونفسًا وجسدًا.. أنا لك يا ربُ.. اسندني لأحيا لك.. لأخدمك.. لأذيع حبك العجيب للمرضى والمأسورين والخطاة والتعابى… أحبك يا رب يا قوتي.. يا شفائي ونجاتي..

أقامنا وأصعدنا معه.. الفخ انكسر ونحن انفلتنا!!

أكثر من أربعين يومًا انقضت على صلب الرب يسوع… بعد ثلاثة أيام من موته على الصليب ودفنه في القبر.. انتشرت الأخبار أن يسوع قد قام من بين الأموات.. قام رب المجد قام.. ساحقًا قوى الظلام!!.. القبر مفتوح.. والجسد ليس هناك.. والرب يظهر لتلاميذه.. ولمن يحبوه.. الرب هزم الموت.. ولم يستطع الموت أن يمسكه.. أين شوكنك يا موت؟! أين قبضتك يا هاوية، أمام قوة حياة الرب، الموت كلا شئ!!.. هناك حيرة كبيرة عند الكثير من الناس.. هل هذا حقيقي؟؟! هل قام يسوع؟؟ صديقنا الأبرص المَشفي ليس عنده حيرة.. عندما سمع خبر القيامة.. شعر في نفسه أنه متيقن أن هذا قد حدث.. يسوع قام.. تذكر لمسة يسوع له.. لمسة الحياة.. كيف لا يقوم هذا الممتليء من الحياة!!.. هذا الذي قال عن نفسه “أنا هو القيامة والحياة”..

جبل الزيتون… بالقرب من أورشليم.. يسوع في الوسط.. وحوله جمع من تلاميذه وآخرين.. ارتفع صوت يسوع قائلاً: “لكنكم ستنالون قوة متى حلّ الروح القدس عليكم، وتكونون لي شهودًا في أورشليم وفي كل اليهودية والسامرة وإلى أقصى الأرض..” ولما قال هذا ارتفع وهم ينظرون.. وأخذته سحابة عن أعينهم.. (أع١: ٨،٩)…

الحمل المذبوح قام.. آثار الجروح في جسده الممجد القائم من الأموات.. شهادة الحب العجيب.. العصفور المذبوح.. قام.. وارتفع نحو السماء ظافرًا.. حملنا في جسده القائم.. مات عنا ومتنا معه على صليب الجلجثة.. سالت دماه لتغطي حياتنا بقوة فدائه.. هو العصفور المذبوح.. هلليلويا.. وهو العصفور القائم الذي صعد إلى السماوات.. وأقامنا وأصعدنا معه وأجلسنا في السماويات.. فوق كل رياسة وسلطان وقوة وسيادة.. وفوق كل اسم يُسمى ليس في هذا الدهر فقط بل في المستقبل أيضًا.. يا لمجد غنى النعمة.. يا لقوة حيــــــاة القيامة!!

أبي السماوي.. كم أشكرك!!
كم أشكرك لأجل ابنك يسوع.. الذي بذلته لأجل حياة العالم..
ولأجلي!!.. مات عني.. ومت فيه.. ليخلصني من برصي ومن عجزي ومن خطيتي..
محتقر لأجلي.. مذلول لأجلي.. كدودة لا إنسان.. لأجلي!! (مز٢٢: ٢)
يا للحب العجيب!!
الغني يفتقر.. لأستغني بحبه..
ويا لمجد القيامة!!
المصلوب يقوم ويقيمني معه جديدًا متجددًا!!
يجتاز لأجلي أهوال الموت.. يدُك متاريس الهاوية.. يخرج أسرى السجن.. يكسر مصاريع النحاس!!
يقوم ويقيمني معه.. يصعدني معه.. في جسده.. إلى المجد..
لأعاين المجد.. ولأغمر من جديد بحضورك أبي السماوي..

آه أيها الروح القدوس.. أيها المعزي.. المشجع.. الشافي..
آه أيها الابن يسوع.. المخلص.. العصفور المذبوح.. والعصفور القائم من بين الأموات..
آه أيها الآب.. يا منبع الحنان.. يا مَن اخذتني في ابنك يسوع لأصير إبنًا لك..
محبوب.. مقبول.. على حساب دم يسوع..
آه.. إيها الثالوث القدوس.. يا منبع حياتي.. أحبك يا إلهي.. لك أنا ولن أكون لغيرك..
آميــــــــــــــــــــــــن..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

عن المؤلف

Picture of د. ثروت ماهر
د. ثروت ماهر
الدكتور ثروت ماهر هو رجل نهضات وخادم متفرغ للوعظ والتعليم والكتابة والبحث اللاهوتي. حصل على بكالوريوس الهندسة الميكانيكية من جامعة الزقازيق، ثم بكالوريوس الدراسات اللاهوتية بامتياز من كلية اللاهوت الإنجيلية بالقاهرة، ثم درجة ماجستير اللاهوت بامتياز من الكلية نفسها. وبعد ستة سنوات من الدراسة بجامعة ريجينت بفرجينيا، حصل الأخ ثروت على درجة الدكتوراة بامتياز في اللاهوت والتاريخ (PhD) من جامعة ريجينت في مارس ۲۰۱۹. كما يخدم د. ثروت ماهر في منصب العميد الأكاديمي بكلية لاهوت الإيمان الوسلية بميدان فيكتوريا منذ عام ٢٠١٩، وهو عضو بلجنة اعتماد كليات اللاهوت الدولية بالشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وقد أسس دكتور ثروت ماهر، وزوجته جاكلين عادل، في سبتمبر عام ٢٠١٦، خدمة السماء على الأرض وهي خدمة تعليمية تعبدية لها اجتماع أسبوعي بكنيسة المثال المسيحي بشبرا.