قارئي العزيز… وضع الرب في قلبي أن أشاركك في بداية هذا العام الجديد بحقيقتين كتابيتين، أشعر أنهما لمثل هذا الوقت. فها نحن نترك عام ونستقبل عامًا آخر.. نترك عام امتلئ بمعية الرب وسندته لكل منا، عام أظهر فيه الرب نفسه كيهوه رفا (الرب الشافي) لكثير من أبنائه.. فكم تعددت شهادات الشفاء الروحي والنفسي والجسدي في هذا العام المنصرف… هلليلويا للرب الشافي الذي بجلدته شفينا (۱بط۲: ٢٨).. الذي أخذ أسقامنا وحمل أمراضنا (مت٨: ۱۷)… كما أنه عام شهد فيه الكثيرون عن بركات الرب المادية لأولاده رغم الظروف الصعبة.. فكم تعزيت وفرحت بشهادات الكثيرين من أبناء الرب الذين أعطاهم الرب أماكن للسكن، بيوتًا، في العام الماضي، وبعد انتظاراتٍ دامت لسنوات!! نعم.. لا يخزون في زمن السوء وفي أيام الجوع يشبعون (مز۳۷: ۱۹).. والرب يبني لك بيتًا (۱ أخ۱۷: ۱۰).. هذه هي كلمات الرب.. وليكن الله صادقًا (رو۳: ٤)، وكل عيان كاذبًا!!
ونحن نودع هذا العام المنصرف، ونرى بالإيمان عامًا جديدًا ممتلئًا بالمجد، فالذي بدأ عملاً صالحًا في الأعوام السابقة، بالتأكيد سيُكمل عمله في العام الجديد؛ أحب أن أضع أمامك، كما ذكرت في بداية المقال، حقيقتين كتابيتين هامتين.. هما بمثابة أغنيتان لنتغني بهما طوال العام..
الأغنية الأولى؛ هي أن إلهنا هو إله المطر المبكر والمتأخر، فعندما تصلي، وإذا كنت قد صليت بالفعل خلال العام الماضي، لأجل أمر ما ولا تجد استجابات حتى الآن، لتُذَكِر نفسك بهذا الحق، أنّ إلهك هو إله المطر المتأخر.. الذي يأتي بالاستجابات، ولو حتى في الهزيع الرابع!!
أما الأغنية الثانية؛ فهي أن كل ما يصنعه العدو هو للفناء، ما صنعه إبليس في خلال العام الماضي في حياة أي ابن حقيقي من أولاد الرب هو للفناء وكالعدم!.. وما يصنعه الرب هو فقط الدائم والأبدي.. فإذا كنت قد رأيت هجومًا من العدو في العام الماضي، تستطيع أن تعلن إيمانك قبل أن تُكمل قراءة سطور هذا المقال، بأن نتائج هجوم العدو هي كلا شيء!! بل على العكس، يستخدم الرب جميع الأشياء لتعمل معًا للخير لأولاده، الذين يحبونه بالحق..
في السطور الآتية من المقال عزيزي القاريء، أتأمل معك بشكل أعمق في معاني هاتين الأغنيتين الهامتين، من خلال الشواهد الكتابية التي شغلني بها الرب..
الأغنية الأولى: إله المطر المُبكِر والمُتأخِــــــــر:
...حينما تصلي؛ ولا تجد استجابات سريعة!!
"وَيَا بَنِي صِهْيَوْنَ، ابْتَهِجُوا وَافْرَحُوا بِالرَّبِّ إِلهِكُمْ، لأَنَّهُ يُعْطِيكُمُ الْمَطَرَ الْمُبَكِّرَ عَلَى حَقِّهِ، وَيُنْزِلُ عَلَيْكُمْ مَطَرًا مُبَكِّرًا وَمُتَأَخِّرًا فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ، فَتُمْلأُ الْبَيَادِرُ حِنْطَةً، وَتَفِيضُ حِيَاضُ الْمَعَاصِرِ خَمْرًا وَزَيْتًا.."
(يوئيل٢: ٢۳، ٢٤)
المطر المُبكِر والمُتأخِر!! عرف الشعب في القديم نوعان من المطر، مطرًا مبكرًا يأتي في بداية شهر نوفمبر، حيث يكون الفلاح قد بذر البذار التي ماتزال في بداية نموها في الأرض، ولم يظهر لها بعد أي براعم.. فالذي يُرى بالعين في ذلك الوقت هو حُمرة الطين الداكنة ولا أثر للخَضار بعد.. في هذا الوقت يأتي المطر المبكر الذي يهييء للبذار النمو الصحيح، فتنمو البذار وتخرج البراعم بقوة حياة جديدة بسبب مياه الأمطار المبكرة…
أما المطر المتأخر، فهو المطر الذي يأتي في إبريل، حيث لا أوان للأمطار.. هذا المطر يأتي إذ يكون الزرع قد نضج.. وآن أوان الحصاد بعد قليل.. فإذا بهذا المطر المتأخر الذي يرسله الرب ليعطي للزرع نموًا أخيرًا مميزًا قبل الحصاد، فتمتلأ البيادر حنطة وتفيض المعاصر خمرًا وزيتًا، كما يقول يوئيل النبي…
والآن قارئي العزيز، ما الذي يريد الرب أن يعلنه لنا من خلال هذه الكلمات؟.. يريد الرب أن يؤكد لنا مشيئته أن يرسل في هذا العام الجديد مطرًا مبكرًا ومطرًا متأخرًا!!… ويريدنا الرب أن نتغنى بهذا في خلال هذا العام.. نتغنى كأبناء صهيون، أي أبناء الحضور الإلهي.. نرفع أغانينا ونبتهج بالرب.. نعلنه بترنيماتنا وألحاننا إله المطر المبكر والمتأخر!!
عزيزي القاريء.. المطر المبكر هو صلوات وتشفعات بالروح القدس، يسكبها الرب بداخل قلوبنا في هذا العام، لتُهيئ لبذار أمور الرب فينا، النمو الصحيح.. صلوات تسبق الزمن.. بينما الأمور تبدو كالأرض التي لم تثمر بعد، يرسل الرب أنات روحه في داخلنا.. بصلوات نبوية تأتي كالمطر المبكر الذي يعطي للبذار قوتها للنمو.. عزيزي.. عزيزتي.. لنسمح للرب الروح في هذا العام أن يخلق من خلالنا أمورًا مستقبلية لحياتنا الشخصية ولملكوته.. ليفيض فينا الرب بصلوات بالروح تُشكِل أيامًا إلهية في حياتنا.. هو إله المطر المبكر الذي يرى المستقبل ويعرف جيدًا احتياجاتنا المستقبلية.. ويريد أن يملأنا بصلوات يستخدمها ليسدد الاحتياجات، ويفتح الأبواب بقوة أمامنا.. لنثمر له وليأت ملكوته..
أما المطر المتأخر عزيزي.. فهو استجابات الصلوات التي رفعناها بالروح في العام الماضي، ولم تأت الاستجابة إلى الآن!! نعم عزيزي.. صلواتك الحقيقية التي بحسب مشيئة الرب لا ولن تُفقَد.. إلهي لا ينسى صلواتي.. إلهي لا ينسى دموعي.. إذا كنت صليت وصليت، وعندما تأخرت الاستجابة، تصورت أنها لن تأتي.. الرب يرسل لك هذه الكلمات ليقول لك.. أنا إله المطر المتأخر.. أنا الإله الذي يركب الغمام (تث٣۳: ٢٦).. يُرسِل أمامه سُحبًا وبروقًا.. يُرسِل أمطارًا في الوقت وأيضًا بعد الوقت.. هلليلويا.. سأرى أمطار إلهية في حياتي في هذا العام الجديد.. لن أسقي أرضي بالتعب وبالشُح.. سيسقي إلهي أرضي بأمطاره السماوية.. كم أحب هذه الكلمات التي أتت في سفر التثنية، الإصحاح الحادي عشر: “لأَنَّ الأَرْضَ الَّتِي أَنْتَ دَاخِلٌ إِلَيْهَا لِكَيْ تَمْتَلِكَهَا لَيْسَتْ مِثْلَ أَرْضِ مِصْرَ الَّتِي خَرَجْتَ مِنْهَا، حَيْثُ كُنْتَ تَزْرَعُ زَرْعَكَ وَتَسْقِيهِ بِرِجْلِكَ كَبُسْتَانِ بُقُول. بَلْ الأَرْضُ الَّتِي أَنْتُمْ عَابِرُونَ إِلَيْهَا لِكَيْ تَمْتَلِكُوهَا، هِيَ أَرْضُ جِبَال وَبِقَاعٍ. مِنْ مَطَرِ السَّمَاءِ تَشْرَبُ مَاءً. أَرْضٌ يَعْتَنِي بِهَا الرَّبُّ إِلهُكَ. عَيْنَا الرَّبِّ إِلهِكَ عَلَيْهَا دَائِمًا مِنْ أَوَّلِ السَّنَةِ إِلَى آخِرِهَا” (تث۱۱: ۱۰- ۱٢)… هليلويا.. إلهي سيسقي أرضي بأمطاره.. واستجابات الصلوات التي لم تأت في العام الماضي، ستأتي في هذا العام، مطرًا متأخرًا.. في الحقيقة، إلهي لا يتأخر.. هو فقط له حساباته الأكثر دقة بكثير من حساباتنا!!
في سفر هوشع، والإصحاح السادس، يقول هذه الكلمات: “هَلُمَّ نَرْجعُ إِلَى الرَّبِّ لأَنَّهُ هُوَ افْتَرَسَ فَيَشْفِينَا، ضَرَبَ فَيَجْبِرُنَا. يُحْيِينَا بَعْدَ يَوْمَيْنِ. فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ يُقِيمُنَا فَنَحْيَا أَمَامَهُ. لِنَعْرِفْ فَلْنَتَتَبَّعْ لِنَعْرِفَ الرَّبَّ. خُرُوجُهُ يَقِينٌ كَالْفَجْرِ. يَأْتِي إِلَيْنَا كَالْمَطَرِ. كَمَطَرٍ مُتَأَخِّرٍ يَسْقِي الأَرْضَ” (هو٦: ۱– ٣).. نعم.. الرب خروجه يقين كالفجر.. حتى وإن أنتن لعازر في القبر، فالرب يقيمه ويحييه بكلمة.. عزيزي، إذا مات رجاءك بسبب عدم رؤيتك لاستجابات سريعة لصلواتك، اسمع صوت الرب الآن.. لعازر، هلم خارجًا.. سيخرج الميت.. ستحيا الصلوات مرة أخرى.. ستأتي الاستجابات.. وستفرح بالرب إلهك وتهلل له… هو الرب.. إله المطر المبكر والمتأخر!!
نعم أبي السماوي.. أؤمن أنك إله المطر المبكر والمتأخر.. لن تبخل على أولادك باستجابة صلواتهم.. ولن نُصلي ولا نرى استجابات.. سنصلي وسنظل نصلي.. إلى أن تنهار مقاومة العدو.. وتأتي الاستجابات.. سنصلي لأنك علمتنا أن نصلي.. وعلمتنا أن كل ما نؤمن أننا نلناه في الصلاة، هو لنا بإسم الرب يسوع!!.. لن تقف أمامنا معوقات تعطل الاستجابات.. ستنتقل الجبال بإسم الرب يسوع، وسنرى المجد في الاستجابات المعجزية لصلواتنا.. نعم نؤمن بك.. أنت لنا.. وتجازي الذين يطلبونك… أخنوخ طلبك لأمر فوق طبيعي، وهو أن لا يرى موت الطوفان، وقد استجبته بشكل فوق طبيعي، نجيته بأن أخذته.. إذ سار معك ولم يوجد، انتقل ولم يرى موت الطوفان (تك٥: ٢٤، عب۱۱: ٥، ٦، يه ۱٤، ۱٥).. إحتاج أخنوخ معجزة، وأنت أعطيته المعجزة.. ما أعظم النعمة!!… أليشع آمن أن يأخذ نصيب اثنين من روح إيليا، فأخذ.. صنع إيليا سبعة معجزات في حياته.. وصنع أليشع ثلاثة عشر معجزة فقط في حياته!! مع أنّ نصيب اثنين من معجزات إيليا السبع هو أربعة عشرة معجزة، وليس ثلاثة عشرة!! بقيت معجزة لم تُصنَع في حياته!! هل مات مُحبطًا؟!.. ربما.. لكن بعد موته، صنعت عظامه في القبر المعجزة الرابعة عشرة، إذ أقامت عظامه ميتًا (٢مل۱٣: ٢۰، ٢۱)… وأتى الإيمان بثمره.. مطرًا متأخرًا!! ليكن الله صادقًا، وكل إنسان كاذب!! (رو۳: ٤)… أعظمك أبي السماوي.. لأني سأرى يدك تصنع عجائب في حياتي.. ستمتليء أيام هذا العام بالمطر المبكر والمتأخر… سأغني لك وسأحيا لك مُكرسًا… ستقودني.. وبعد إلى مجد تأخذني..
الأغنية الثانية: كل هجوم للعدو.. إلى الفناء..
... حينــما يـــكون العــــــدو عـنـيدًا!!
يغني داود بالروح القدس في المزمور الثامن والخمسون: “اَللَّهُمَّ، كَسِّرْ أَسْنَانَهُمْ فِي أَفْوَاهِهِمِ. اهْشِمْ أَضْرَاسَ الأَشْبَالِ يَا رَبُّ. لِيَذُوبُوا كَالْمَاءِ، لِيَذْهَبُوا. إِذَا فَوَّقَ سِهَامَهُ فَلْتَنْبُ. كَمَا يَذُوبُ الْحَلَزُونُ مَاشِيًا. مِثْلَ سِقْطِ الْمَرْأَةِ لاَ يُعَايِنُوا الشَّمْسَ”. (مز٥٨: ٦- ٨).
أربعة صور يضعها الروح القدس على فم داود ليُعبِر عن انكسار هجوم العدو وتلاشي نتائجه في حياة أولاد الرب… الصورة الأولى “ليذوبوا كالماء”.. عندما يهاجم العدو، هجومه يتلاشى، كمياه الأمطار التي تسقط، وإذ تطلع عليها الشمس، تتبخر… الصورة الثانية “إذا فوّق سهامه فلتَنْبُ”.. إذا رمى العدو سهامًا، ينحرف السهم عن مرماه.. ولا يصيب الهدف، ويصبح مجهود العدو ضائعًا!!
الصورة الثالثة “كما يذوب الحلزون ماشيًا”.. والحلزون كائن رخو، يعيش في قوقعة (مثل محار البحر)، ولا لون له. عندما يخرج من قوقعته، يصبح لونه أحمر داكن مُخيف، ويفرز مادة لزجة كريهة.. بمجرد أن يشعر الحلزون بأي كائن يقترب منه، يخاف الحلزون جدًا.. فيتحول لونه الأحمر الداكن المخيف إلى لون شفاف، وكأن لا لون له، ويذوب راجعًا بسرعة إلى القوقعة.. وبعد دقائق تتبخر أيضًا المادة التي أفرزها.. أي تختفي آثار الحلزون تمامًا، وكأنه لم يكن!! يصلي داود، إذا هاجمه العدو، وظهر العدو كأنه مخيف في أوقات.. أن يتلاشى هجوم العدو.. وكأنه لم يكن من الأساس.. كالحلزون!!… الصورة الرابعة “مثل سقط المرأة لا يعاينوا الشمس”.. خطط العدو تُجهض!! ولا يكون لها قائمة بإسم الرب يسوع!
عزيزي القاريء.. إن كان العدو هاجمك في العام الماضي.. ونجح في مرات، أو هكذا ظهر، أنه نجح… الرب يشجعك في هذا العام أن تغني هذه الأغنية.. إنّ هـــجوم العدو يكون كلا شئ!!… إذا رأيت العدو يصوب السهام.. ثق أنّ كمْ من سهم يطير، ولن يصيبك أي واحد منها!! إذا ظهر العدو كأنه مخيف، ثق أنه سيتراجع أمام قوة الدم الثمين!! قاوموا إبليس فيهرب منكم (يع٤: ۷).. نعم.. قاوم العدو.. انتهره.. اعلن كلمة الله في وجهه، وسيهرب ويختفي كالحلزون!!
قارئي العزيز.. ثق في الرب.. وغني هذه الأغنية بلا تراجع، واملأ بها العام الجديد.. ما يصنعه العدو للفناء..
هل تعلم صديقي أن هذه الآيات التي نتأملها جاءت في أحد المزامير التي تدعى “مُذهبَات داود”؟ وما هي هذه المذهبات؟ إنها ستة مزامير لداود، كتبها في أوقات صعبة. لذا حملت هذه المزامير له دروس هامة جدًا، حُفِرَت بداخله كالنقش على الحجر.. إذ أنّ أحد معاني كلمة “مُذهبة” في اللغة الأصلية هي “حفر على الحجر”.. وماذا يعني هذا؟ هذا يعني أن هذا الدرس “أنّ هجوم العدو يكون كلا شيء” هو أحد الدروس الهامة في حياة المؤمن..
وأهمية هذا الدرس أيضًا واضحة في عنوان المزمور، إذ يقول “لإمام المغنين، على (لا تُهلك)”.. ويقول بعض الدارسين أن (لا تُهلك) هي نغمة عالية، يُنشد بها الأناشيد التي يجب أن تكون عالية النغمة وحماسية.. بينما يقول البعض الآخر أن (لا تُهلك) هي آلة ذات تسعة أوتار، وهذا غير معتاد، فالآلات الوترية معظمها ذوات ستة أوتار.. لكن وجود تسعة أوتار يُثرِي اللحن ويجعله أعرض، أي واضحًا أكثر.. وسواء أخذنا بالرأي الأول أو الثاني، أو الاثنين معًا، فإن المغزى واضح.. إن هذه الترنيمة، ترنيمة النصرة على العدو.. ترنيمة الإيمان أنّ ما يصنعه العدو للفناء، لابد أن تُغنى بحماس وبقوة وبإيمان.. صديقي.. ارفع عينينك إلى الرب الذي يعطينا جرأة الإيمان، فننطلق مغنيين بالروح أغنية الانتصار…
آه أيها الرب.. يا مَن دُست إبليس ساحقًا كل قواته.. يا مَن جردت الرياسات والسلاطين.. وظفرت بهم في صليبك العظيم… يا مَن زأرت بصيحة الانتصار “قد أُكمل”.. فزلزلت قوى الجحيم.. يا مَن نزلت إلى أقسام الأرض السفلى.. ولم تستطع الهاوية أن تمسكك!! يا مَن دُست بالموت ذاك القتال منذ البدء.. املأني بروحك العظيم.. لأزأر في وجه العدو.. فلا يسمع صوتي.. إنما يسمعك أنت من خلالي، أيها الملك العظيم المنتصر.. فيهرب من أمامي.. من أمام يسوع الذي هو حيّ بداخلي!! سيدي.. أعطني استعلان نصرتك فيّ.. املأني بروحك الناري… لتعمل في داخلي بميراث النصرة، بقوة الدم.. فيذوب العدو هاربًا أمام يسوع الذي فيّ.. أمام الأسد الغالب الخارج من سبط يهوذا!!
ماذا تفعل حينما يكون العدو عنيدًا...؟
والآن.. قارئي العزيز.. اسمح لي في نهاية هذا المقال أن أضع أمامك بعض الأمور العملية التي تمكنك من اختبار النصرة عندما يكون العدو عنيدًا… ففي بعض الأوقات يكون العدو عنيدًا في المعارك، وذلك لأنه متكبر، ويرفض التسليم بالهزيمة! فمثلاً عندما واجه موسى وهارون سحرة فرعون، طرح هارون عصاه فصارت حية، وهذا أمر بالتأكيد فيه إعلان لنصرة الرب. ولكن العدو لم يستسلم، إذ طرح السحرة أيضًا عصيهم، فصارت حيات.. وكأن العدو يعلن عدم استسلامه!! ولكن عزيزي.. عَظِم معي الرب!! عصى موسى وهارون ابتلعت عصي السحرة.. ما فعله العدو ذهب إلى فناء، أُبتُلِعَ بلا رجعة.. لم يبقى سوى عمل الرب ومعجزاته!!
يخبرنا سفر أخبار الأيام الأول (والقصة موجودة أيضًا في سفر صموئيل الثاني) أنّ العدو هاجم داود بعدما صار داود ملكًا.. وخرج داود لمحاربة العدو بحسب مشورة الرب.. وانتصر داود على العدو في مكان يُعرف بوادي الرفائيين.. ولكن الغريب أنّ نفس العدو، بعد قليل، عاود الهجوم مرة أخرى وفي نفس المكان!!.. عزيزي، في مرات، بعد النصرة على إبليس في دائرة معينة، يُعاود العدو الهجوم في نفس الدائرة!! فماذا تفعل حينئذ؟!! افعل مثل داود، اذهب إلى الرب واستشره، اطلب القيادة الإلهية، قيادة الروح القدس.. ذهب داود واستشار الرب.. قال له الرب: “لا تصعد وراءهم، تحول عنهم وهلم عليهم مقابل أشجار البكا. وعندما تسمع صوت خطوات في رؤوس أشجار البكا، فأخرج حينئذ للحرب، لأن الله يخرج أمامك لضرب محلة الفلسطينيين. ففعل داود كما أمره الله، وضربوا محلة الفلسطينيين من جبعون إلى جازر. وخرج اسم داود إلى جميع الأرض، وجعل الرب هيبته على جميع الأمم.” (١ أخ ١٤׃ ١٤، ١٥).. عزيزي.. عندما يُكرر العدو هجومه في نفس الدائرة.. لا تخف.. لا تخشى أن تفقد نصرتك.. بالتأكيد سينكسر العدو مرة أخرى أمام حضور الرب الذي فيك.. فقط استشر الرب، وافعل ما يضعه بداخلك الروح.. قد يضع الروح بداخلك شواهد كتابية تواجه بها العدو.. وقد يضع في فمك ترنيمة نصرة، يسمعها العدو فيهرب.. الرب يالتأكيد سيقودك.. ولكن لا تترك المعركة قبل فناء العدو تمامًا.. افعل كما فعل جدعون، إذ لم يكتف بهزيمة المديانيين، إنما طارد أمراءهم، غراب وذئب، وقتلهما.. ولم يرجع إلا حينما أنهى المعركة تمامًا بالنصرة للرب في هذه الدائرة.. نعم أبي السماوي.. أشكرك لأجل كل نصرة أعطيتني إياها في دوائر محددة في حياتي.. أعطني أن أفن العدو تمامًا في هذه الدوائر.. فلا يُسمع للعدو صوتًا للأبد فيها.. بإسم إبنك يسوع.. آمين..
عندما يكون العدو عنيدًا بتكاتف واجتماع أرواح الشر معًا: سَبِح.. وسيضربهم الرب بالتشويش..
عزيزي.. في القصة المشهورة لهجوم العدو على الملك يهوشافاط (٢أخ ٢۰).. أتى ثلاثة جيوش متحدين على شعب الرب.. بنو عمون، وبنو موآب، وجبل ساعير.. ماذا فعل يهوشافاط؟!! أقام مُغنين للرب ومُسبحين في زينة مقدسة!! “وَلَمَّا ابْتَدَأُوا فِي الْغِنَاءِ وَالتَّسْبِيحِ جَعَلَ الرَّبُّ أَكْمِنَةً عَلَى بَنِي عَمُّونَ وَمُوآبَ وَجَبَلِ سِعِير الآتِينَ عَلَى يَهُوذَا فَانْكَسَرُوا” (٢أخ٢۰: ٢٢)… نعم سينكسر الأعداء المتحِدون ضدك، عندما تسبح الملك!! عندما يأتي العدو بحروب مختلفة في نفس الوقت.. ثق في إلهك صديقي.. سبحه في قداسة وبكل القلب.. تسبيح الرب يُعلن حضوره، وحضور الرب يجعل العدو يرتبك.. ويخطيء الهدف.. ويساعد بعضهم على إهلاك بعض بإسم الرب يسوع!!.. هلليلويا.. سبح يهوشافاط وشعب الرب، فأتى الرب بالنصرة من عنده… سبح الشعب في مناسبة أخرى، فسقطت أسوار عنيدة أمام هتاف الشعب…
أعظمك يا أبي… حتى وإن بدت الأسوار عالية وعنيدة.. حتى وإن تكاتف العدو.. ستسقط الأسوار، وسيُهزَم العدو أمامنا.. وكيف لا يُهزَم، ويسوع قد سحق رأسه على الصليب؟! نعم.. سينهزم العدو في هذا العام الجديد، أمام أطفال في الإيمان، حديثي الولادة، لكن ممتلئين بالروح القدس، الروح الناري!! أعظمك أبي السماوي.. لأننا سنكون ممتلئين بالروح في هذا العام الجديد.. سنغني أغاني نبوية.. أغاني نصرة.. مُذهبات.. سنغني.. ونرى العدو مهزومًا أمامنا.. سيذوب كالحلزون، ولن يعاين النور بإسم الرب يسوع.. يعظم انتصارنا بالذي أحبنا.. يسوع المسيح.. الْبِكْرِ مِنَ الأَمْوَاتِ، وَرَئِيسِ مُلُوكِ الأَرْضِ: الَّذِي أَحَبَّنَا، وَقَدْ غَسَّلَنَا مِنْ خَطَايَانَا بِدَمِهِ، وَجَعَلَنَا مُلُوكًا وَكَهَنَةً للهِ أَبِيهِ، لَهُ الْمَجْدُ وَالسُّلْطَانُ إِلَى أَبَدِ الآبِدِينَ. آمِينَ.. (رؤ۱: ٥، ٦)..