لقراءة الجزء الأول: اضغط على هذا الرابط
… نظر الإناء الخزفي بفرح إلى عصير الكرمة النقي وهو يُصَبْ بداخله …
أنعشه تلامس أعماقه مع هذه العصارة النقية… سمع أصوات المحيطين به يعظمون
دم الحمل العظيم المعروف سابقًا قبل تأسيس العالم… رجع الإناء بذاكرته إلى أيام سابقة …
متفكرًا وهامسًا لنفسه بذكرياته في هدوء …
الإناء في يوم إحباط / بك ترتفع يدي
“لأن الله لم يعطنا روح الفشل، بل روح القوة والمحبة والنصح” (٢تي١: ٧)…. هلليلويا للرب… هلليلويا للرب الذي يرفع يدي أمامه رغم الإحباط ورغم حروب الفشل… هلليلويا للرب الروح (١كو٣: ١٧) الذي يعطي قوة ليدي لترتفع أمامه… هو قوة ليديّ.. روحه هو القوة التي ترفع يداي عاليًا…
باركوا الرب يا جميع عبيد الرب، الواقفين في بيت الرب بالليالي. ارفعوا أيديكم نحو القدس، وباركوا الرب (مز١٣٤: ١، ٢)… نعم يا رب هذه هي كلماتك… لكن أين لي بالقوة، وأنا إناء خزفي؟! أين لي بالقوة وسط الضغوط والإحباط؟! العدو يريد أن يخفض يديّ، وأنت تريدها مرتفعة عالية…
وسط تسبيح الجماعة… وأنا واقف بين أوان الكرامة نسبح معًا، رغم شعوري بثقل الخزف في إنائي… أسمع روحه يشجعني، يهمس لي.. الكنز آت… استمر في تسبيحي… استمر في محضري… لا تلتفت يمينًا ولا يسارًا.. الكنز آت.. الكنز لك.. والكنز يُسكب بالإيمان، وسترتفع يدك!!…
يستمر التسبيح وتتواصل العبادة…. ثقل الخزف يخف!! يتناقص!! يتوارى!!…
وثقل المجد يحل… يزداد… يلمع… روح المجد يحل علينا… ترتفع مياه الروح… نـهرٌ سواقيه تفرح أوانينا… نـهرٌ سواقيه تأتي بمياه الروح… لتملأنا.. وتصبغنا.. تعمدنا… تملأ مياه الروح المنعشة الإناءَ من الداخل… وتحيط بالخزفِ من الخارج… يفقد الخزف ثقله مع ارتفاع المياه، يتحرك عكس قوانين الخزف الطبيعية، وعكس قوانين الجاذبية، وترتفع يداي… فالمياه مياه حية… وكل من يأتي إليه النهر يحيا…
التفِتُ بهدوء لأراني في محضره.. هو لفت انتباهي، ونبه روحي لأراني في محضره… فهو يعرف أني في محضره، إدراكي لإنائي يكون بحسب قلبه… لذا نبه روحي لأرى معجزاته في إنائي الخزفي!!… لأرى عمل شدة قوته في الخزف.. في الإناء الضعيف…
هلليلويا.. رأيت الخزف الممتليء بالروح يرفع يداه أمام الرب القدير.. إنّ يداي ترتفع أمامه.. ارتفعت يداي!! كيف هذا؟!.. يا لمجد غنى النعمة.. يداي ترتفع وإنائي يتذوق المجد.. الإناء الخزفي ينسى الخزف في محضر الملك.. وكيف أتذكر خزفي في محضره!! وكيف يستطيع الخزف أن يقوى عليّ في محضر الملك، أمام العرش.. عرش النعمة.. حيث أمتليء بالمجد، حيث أمتليء به… المسيح فيّ رجاء المجد… الخزف يُشَبَّع بالمجد.. بالقوة.. بالحضور الإلهي… الخزف يمتليء بالمجد.. بالكنز.. الحديد يوضع في النار، فيصير جمرات مشتعلة… لونها لون النار.. شكلها ناري… وترتفع يدي… بك ترتفع يدي… المسحة تتدفق… النور يشرق… القوة تملأ الأجواء… بك ترتفع يدي.. الضعف يوّلي… الاحباط يحترق… بك ترتفع يدي…
أنظر إلى اليد المرتفعة… أتذكر يدك المرتفعة… اسمع كلمات سفر الخروج: “إنّ اليد على كرسي الرب.. للرب حرب مع عماليق من دور إلى دور.” (خر١٧׃ ١٦)… هلليلويا… ها يدك مرتفعة لأجلي بالعهد… عهد أبدي.. فأنت شريك العهد.. وما يدي المرتفعة، إلا انعكاس لارتفاع يدك القوية القديرة… يدي المرتفعة ترعب العدو… يتراجع، لأنها انعكاس ليدك المرتفعة.. أعطيتني السلطان أن أدوس الحيات والعقارب.. أدوس ببأس… ترتفع النغمة… كارتفاع نغمات داود في مزامير المصاعد… “أعطيت خائفيك راية ترفع لأجل الحق.” (مز٦٠׃٤)… هلليلويا… لنا هذا الكنز في أوان خزفية… وبك ترتفع يدي…
في حضور الملك/ يفنى النقاب.. وبترنم النجاة تكتنفني
ترتفع النغمة أكثر وأكثر… ترتفع الرايات أكثر وأكثر… بك ترتفع يدي، وبك ترتفع أيادينا.. نعم، ترتفع أيادينا جميعًا، فالإناء الخزفي يمتليء وسط أواني كثيرة تمتليء… أمتليء وسط امتلاء إخوتي، باقي الأواني… المجد يزيد بداخلي وحولي، والمجد يزيد ويزيد بداخل باقي الأواني وحولها… المجد يحل، يرتاح، يستقر، كاستقرار الشاكيناه في قدس الأقداس. تملأ السحابة المكان، وتغطيه.. الأذيال تملأ الهيكل.. وأجنحة الحضور تتحرك بدفء وانتعاش، بحيوية وبقوة.. ما أحلى حضورك… يفنى النقاب.. هلليلويا.. نعم، يفنى النقاب، ونزرع جنات.. صرنا جنة ريا.. سماؤنا أتت هنا.. وسطنا.. صرنا سماءً على الأرض.. مدينة ملجأ.. أنت ملجأ، وبحضورك فينا صرنا مدينة ملجأ.. أوان خزفية تمتليء بالكنز..
يدخل المكان مُعيي، إناءٌ ضعيف، يحمل بريته في داخله!! ينظر حوله.. يرى أوان مثله.. لكن يا لعجبه؟!.. يوجد قوة بالمكان.. مجال للحضور الشافي، يالبهاء أجنحة الشفاء التي تتحرك بخفة في المكان!!.. الأواني الخزفية ممتلئةً بالكنز.. والنغمة تعلو وتعلو.. ترنم النجاة يملأ المكان.. يوجد ملجأ.. مدينة ملجأ..
أذيال الحضور تلف صديقنا المعيي، الرب يبسط ذيله على الإناء الضعيف المحاصر بالبرية.. البرية تنكمش بداخله.. أمام أنهار الماء الحي، كل برية تتآكل، وتصير البرية بستانًا.. صديقنا بريته تؤكَل وسط جنة الرب.. تختفي، تتوارى.. يُلَفُ بالمجد.. يجد نفسه وجهًا لوجه أمام إله المجد.. الرب الحي في وسطنا.. هلليلويا..
صرنا نغمة عالية.. ومن أفواهنا يخرج ترنم النجاة.. ويفتح الإناء الضعيف شفتاه ويرنم.. الرب نوري وخلاصي ممن أخاف، الرب حصن حياتي ممن أرتعب؟!.. ما أعظم الجود الذي ذخرته لخائفيك وغناك وهبته.. رحمتك تحيط بي، وبترنم النجاة دومًا تكتنفني… نعم.. نعم.. بترنم النجاة تكتنفني.. هلليلويا.. ما أعذب ترنم النجاة!! ما أعظم رحمتك لي!! فاقت وفاقت وفاقت كل أفكاري… ها الأواني ممتلئة.. ومَن يدخل يمتليء.. نهر الحياة هنا.. مُعطي الكنز بيننا.. ومَن يعطش فليأت. ومن يُرد فليأخذ ماء حياة مجانًا.. ومَن يشرب من هذا الماء، لا يعطش أبدًا، بل تجري من بطنه أنهار ماء حيّ.. ويزرع جنات.. ويصير كجنة ريا.. هلليلويا.. كم نحب حضورك يا أبي؟!
1 فكرة عن “مذكرات إناء خزفي / الجزء الثاني”
التواضع الحقيقى هو أن أدرك اننى مجرد اناء خزفى وسر مجدى فى الكنز المخفى (مت ١٣: ٤٤) بداخل حياتى .
مقال رائع .. المسيح يملاء حياتك بالمجد يا د. ثروت