أَمَّا شِبْهُ وُجُوهِهَا فَوَجْهُ إِنْسَانٍ وَوَجْهُ أَسَدٍ لِلْيَمِينِ لأَرْبَعَتِهَا، وَوَجْهُ ثَوْرٍ مِنَ الشِّمَالِ لأَرْبَعَتِهَا، وَوَجْهُ نَسْرٍ لأَرْبَعَتِهَا..
(حِزْقِيَال ١: ١٠)
الوجه الأول: وجه إنسان
وجه إنسان.. وجه أسد.. وجه ثور.. وجه نسر.. أربعة وجوه للمخلوقات الحية التي تحمل مجد الرب في الإصحاح الأول من سفر حزقيال.. تشير هذه الوجوه الأربعة لمسحات أربع يريد الرب أن يفيض بها في حياة أولاده وبناته.. فأبناء الرب الحقيقيين هم حاملو مجده.. يقفون في محضر الرب أمام عرشه فيمتلئون بمجده وتتشكل وجوههم بتشكيلات روحه القدوس..
المسحة: مسحة استرداد السلطان المفقود (Restoration of the first authority and beyond)
الطريق: الإخلاء والاتضاع
الأحقية: صار هذه الوجه وما يشير إليه من مسحة لاسترداد السلطان المفقود متاحًا لنا بسبب تجسد الرب يسوع، الإله المتأنس، آدم الأخير.. الْكَلِمَةُ صَارَ جَسَدًا وَحَلَّ بَيْنَنَا (يو١: ١٤).. تجسد الرب يسوع ليعيد لنا إنسانيتنا المفقودة.. أخلى نفسه من مجده ليمجدنا فيه.. اتضع ليرد لنا السلطان.. آدم الأول كان صاحب سلطان وفقده بالسقوط.. ابن الله أخلى نفسه ليرد لآدم سلطانه المفقود وأعظم.
الاتضاع والإخلاء من جهة، واسترداد السلطان من جهة أخرى، هما أمران متلازمان في الحياة الروحية.. الرب يسوع، كلمة الله المتجسد، رسم لنا هذا الطريق إذ أخلى نفسه، لذا رَفَّعَهُ الله..مكتوب: الَّذِي إِذْ كَانَ فِي صُورَةِ اللهِ، لَمْ يَحْسِبْ خُلْسَةً أَنْ يَكُونَ مُعَادِلاً ِللهِ. لكِنَّهُ أَخْلَى نَفْسَهُ، آخِذًا صُورَةَ عَبْدٍ، صَائِرًا فِي شِبْهِ النَّاسِ. وَإِذْ وُجِدَ فِي الْهَيْئَةِ كَإِنْسَانٍ، وَضَعَ نَفْسَهُ وَأَطَاعَ حَتَّى الْمَوْتَ مَوْتَ الصَّلِيبِ. لِذلِكَ رَفَّعَهُ اللهُ أَيْضًا، وَأَعْطَاهُ اسْمًا فَوْقَ كُلِّ اسْمٍ لِكَيْ تَجْثُوَ بِاسْمِ يَسُوعَ كُلُّ رُكْبَةٍ مِمَّنْ فِي السَّمَاءِ وَمَنْ عَلَى الأَرْضِ وَمَنْ تَحْتَ الأَرْضِ، وَيَعْتَرِفَ كُلُّ لِسَانٍ أَنَّ يَسُوعَ الْمَسِيحَ هُوَ رَبٌّ لِمَجْدِ اللهِ الآبِ.. (في٢: ٦- ١١).
مسحة وجه الإنسان تنطبع وتستقر على المتضعين أثناء تواجدهم في عرش النعمة.. مسحة وجه الإنسان تجعلنا نحمل وجه آدم الثاني.. يسوع الممجد.. مسحة وجه الإنسان تُعيد للخليقة رؤيتها ليسوع فينا فتخضع لصورة الله فينا.. يوجد وعد بالراحة للخليقة التي تئن وتتمخض إذ ترى بهاء عربون الروح في وجه الإنسانية الممجدة في يسوع!
الوجه الثاني: وجه أسد
المسحة: المسحة الرسولية الملوكية (Kingship Apostolic Anointing) – الإرسالية ومد تخوم الملكوت
الطريق: المحبة العُرسية – الانشغال بالعريس الآتي ومجيئه الثاني
الأحقية: صار هذه الوجه وما يشير إليه من مسحة ملوكية مُتاح لنا في الرب الملك الذي ملك على حياتنا كحمل، وسيأتي ليملك كأسد على أرضنا في مجيئه الثاني.
الرب الملك يملك في كنيسته الآن.. وكنيسته تعلن مُلكه للعالم.. ملكوت الغفران والشفاء والحرية والمجد والفيض.. المسحة الرسولية تطلق أبناء الرب لمد سلطان الملكوت.. ليمتد النور.. ليمتد الشفاء.. الظلمة تغطي الأرض، أما كنيسة الرب وجيل الأيام الأخيرة الماكث أمام العرش، فإشراقهم يزداد..
مسحة وجه الأسد تنطبع وتستقر على هؤلاء الذين يحبون العريس بكل قلوبهم وينتظرون مجيئه بفارغ الصبر.. هؤلاء المشتاقون إلى لقاء العريس تستقر مسحة الأسد على حياتهم ليمضوا ويُخضِعوا تخوم جديدة لعريس قلوبهم الذي اقترب مجيئه جدًا!! العروس الحقيقية تُمسح بمسحة الأسد في الأيام الأخيرة لتمضي مضيئة بلا خوف وسط ظلام الأمم.. زئير العروس الخارج بمسحة الأسد سيجعل البعض يطمئن، لكنه أيضًا سيخيف كثيرين!! هؤلاء الذين يحبون مجيئه سيطمئنون، بينما أولئك الذين يحيون لذواتهم سيزداد خوفهم وتظهر حيرتهم!!
الوجه الثالث: وجه ثور
المسحة: مسحة للبذل بقوة الروح..
الطريق: حَمْل النير.. “اِحْمِلُوا نِيرِي عَلَيْكُمْ وَتَعَلَّمُوا مِنِّي… لأَنَّ نِيرِي هَيِّنٌ وَحِمْلِي خَفِيفٌ..” (مت١١: ٢٩، ۳٠)
الأحقية: صار هذه الوجه وما يشير إليه من مسحة للبذل مُتاح لنا في الرب الذبيح الذي صلب لأجلنا ومات حاملاً آثامنا وأمراضنا.. بذل الرب نفسه لفدائنا.. حمل الصليب وتحمل الضرب والجلدات.. حمل اللعنة.. بل صار هو نفسه لعنة لأجلنا!!
مسحة وجه الثور تنطبع وتستقر على هؤلاء الذين وضعوا أكتفاهم تحت نير الرب لخدمته.. هؤلاء الذين لمس الرب أعماقهم بحبه، فكرسوا الحياة لخدمة مَن أحبهم وأسلم نفسه لأجلهم.. مسحة الثور تعطي القوة لخدمة الرب وتَحمُل المشقات بدون تراجع.. لم يتراجع بولس إذ رُجِم وسُجِن وجُلِد!! بل على العكس ازداد حبه للرب وازدادت قوة تحمله!! مسحة الثور تعطي القوة للاستمرار في مقاومة العدو رغم حروبه المتتالية.. “تَنْصِبُ مِثْلَ الْبَقَرِ الْوَحْشِيِّ ]الثور[ قَرْنِي” (مز٩٢: ١٠)..
الوجه الرابع: وجه نسر
المسحة: المسحة النبوية (Prophetic Anointing) – تمييز الأوقات والأزمنة، كلمات حية من عرش النعمة في توقيتها الصحيح، انتعاش وتجديد للقوة..
الطريق: المحبة وستر عيوب الآخرين.. “وَلكِنْ قَبْلَ كُلِّ شَيْءٍ، لِتَكُنْ مَحَبَّتُكُمْ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ شَدِيدَةً، لأَنَّ الْمَحَبَّةَ تَسْتُرُ كَثْرَةً مِنَ الْخَطَايَا” (١بط ٤: ٨).
الأحقية: صار هذه الوجه وما يشير إليه من مسحة للنطق بكلمة الرب وتمييز الأوقات والأزمنة، مُتاح لنا في الرب القائم من الأموات الصاعد إلى السماوات..
قام يسوع منتصرًا على الموت والقبر، وصعد إلي السموات.. “وَأَقَامَنَا مَعَهُ، وَأَجْلَسَنَا مَعَهُ فِي السَّمَاوِيَّاتِ” (أف٢: ٦).. أقامنا معه وأصعدنا معه ليجلسنا.. قبلنا فيه بنعمته.. صعد ونحن فيه.. “حملنا في جسده” كما يقول القديس أثناسيوس الرسولي.. أو “أحتوانا في ذاته مثل الحزمة التي تحمل السنابل” كما يقول القديس كيرلس الكبير.. سترنا فيه وحلق بنا عاليًا نحو السماء، إذ نُرى فيه كاملين بكماله أمام الآب..
مسحة النسر الحقيقية لا تُعطَى إلا لمَن يحب ويستر!! مسحة النسر تنطبع وتستقر على هؤلاء المستعدين لأن يمتلئوا بالحب الغير مشروط، والمستعدين للنطق بكلمات الحياة وسط أكثر الأوقات إظلامًا.. كما سترنا الرب وانطلق بنا كالنسر، هكذا مسحة النبوة تستقر على من يستر ويستعد للانطلاق بدون قيود الأفكار السلبية.. النسر يفهم كيف يجدد الرب الحياة، لذا لا يمسك خطايا الآخرين.. مسحة النبوة تُظهر ما يريد الرب أن يظهره، وتستر ما يريد الرب أن يستره!! مسحة النبوة هي مسحة الحياة لما يأمر له الرب بالحياة، بغض النظر عن الواقع والعيان!!
كما أن النسر عنده القدرة على الطيران ورؤية الصورة الكُلية الواسعة.. هكذا مسحة النسر تعطي القدرة النبوية على تمييز أوقات وأزمنة الرب ومعرفة فكره، بدون الانحصار في تفاصيل رؤيتها منفردة قد يعطي صورة خادعة ويشوش الحقيقة!!
كما أن النسر لديه القدرة على رؤية النور مبكرًا جدًا لأنه يحلق عاليًا، هكذا المسحة النبوية تعطي القدرة على رؤية وفهم علامات مجيء الرب الثاني.. نسور الأيام الأخيرة عيونهم ترى الرب الآتي على السحاب.. وآذانهم تسمع البوق!! نسور الأيام الأخيرة عيونهم مُكحلة بكحل الروح يرون ما لا يُرى.. يصرخون هوذا العريس آت.. لتستيقظ العذارى ولتمتليء المصابيح بالزيت!!