إله الأمانة (١): قبل منتصف الليل!

إله الأمانة

مشاركة المقال:

هذه السلسلة من الاختبارات – تحت عنوان “إله الأمانة” – هي للشهادة لإله الأمانة الذي سار معنا لسنوات طويلة فلم تبلى أحذيتنا، ولم يعوزنا شيء من الخير! هو “يهوه يرأى” الإله الذي يسدد احتياجاتنا بوفرة في المسيح يسوع بحسب غناه في المجد! وهو أيضًا إلهك – عزيزي القاريء – إن كنت قد أعطيته حياتك، وتحبه، وتتبعه من كل القلب!

دعه يكلمك بروحه من خلال هذه الاختبارات، ويشكل أيامك بحضوره وأمانته وغناه!

قبل منتصف الليل!

صيف أحد الأعوام منذ حوالي عشرين عامًا، صباح أحد أيام الاثنين،

زوجتي تحتاج لثلاثين جنيهًا مصريًا لاستخراج أوراق حكومية مهمة. لا يوجد معي سوى جنيهات قليلة لا تكفي الاحتياج!

ذهبت لأطلب من الرب يسوع، فهو مَن يعولنا بالكامل، ويسدد احتياجاتنا أنا وزوجتي، كأبناءه أولاً، وكخدامه المتفرغين لخدمته ولخدمة أولاده! أجابني الرب إجابة سريعة حيث نصحني أن أذهب إلى أمي، التي كانت تعيش معنا في البيت آنذاك، لأطلب منها الثلاثين جنيهًا بشكلٍ مؤقت، لكي تتمكن زوجتي من اللحاق بالمصلحة الحكومية قبل إغلاق الخزينة ظهرًا، على أن يرسل الرب لي المبلغ لاحقًا لأرده إلى أمي!!

لم تروقني الفكرة في البداية. حاولت أن أجد مع الرب طريقةً أخرى تجنبني هذا الإحراج! غير أني تأكدت أن للرب خطة في هذا، وإن كنت لم أفهمها، فاتفقت مع الرب أني سأفعل ما يطلبه مني – رغم عدم ارتياحي – بشرط أن يرسل لي النقود قبل منتصف الليل، لأردها إلى أمي ولا أبيت مدين!! ذهبت بالفعل إلى غرفة أمي لأنفذ ما طلبه الرب مني! أعطتني أمي الثلاثين جنيهًا وهي ممتلئة بفرح العطاء الأصيل، وعدتها أني سأرد المبلغ قبل نهاية اليوم، ولمحت في عينيها محبة عميقة غير مكترثة بأن أرد المبلغ، مما زاد من عدم ارتياحي!

ذهبت زوجتي لقضاء المصلحة، واستطاعت إنجاز الأمر، وعادت للبيت. لم يكن عندي أي تحركات في هذا اليوم، وبالتالي مكثت في البيت أصلي وأدرس في الكلمة، منتظرًا المعجزة!! كيف سيرسل لي الرب الثلاثين جنيهًا قبل انقضاء اليوم؟!

مرت الساعات، وقابلني الرب، كما اعتدنا، قبل الغروب.

في حديثه معي، لم يتطرق لأمر الثلاثين جنيهًا بتركيز! وعدني بأنه سيرسل المبلغ قبل الميعاد، لكنه لم يخبرني بتفاصيل! غير أني لمحت ابتسامته!

ومرت ساعات أخرى، قاربت الساعة على التاسعة مساءًا، لم يتغير الوضع، أو هكذا بدا لي الأمر، إذ لم أرى ما يفعله الرب أثناء اليوم لأجلي في اتجاهات متنوعة! “وَأَمَّا الْكَرِيمُ فَبِالْكَرَائِمِ يَتَآمَرُ، وَهُوَ بِالْكَرَائِمِ يَقُوم.” (إش ٣٢: ٨).

قرب العاشرة مساءً، رن جرس الهاتف، وجدت على الجانب الآخر أحد الأصدقاء القدامي (اسمه س. س.)، يهتف بطبيعته الحماسية قائلاً: “الرب قال لي أن أعطيك ثلاثمائة جنيه”، وقبل أن أهتف “هلليلويا”.. أكمل صديقي متحمسًا.. “لتعطها لــ (ب. ف.)، فهو في احتياج شديد!

كان (ب. ف.) خادم متفرغ من جيلٍ أصغر، وكنت أقوم برعاية حياته آنذاك، وقد وجد صديقي (س. س.) أني أفضل مَن يعتمد عليه لتوصيل المبلغ لـــ (ب. ف.) من دون أن يعرف الأخير مصدر التقدمة!

بينما أنا متحيرًا، أكمل صديقي (س. س.) بحماسه المعهود: “الرب منذ الصباح يكلمني عن (ب. ف.)، وقد أخبرني الرب أنه في احتياج لهذا المبلغ لأحد تحركاته الكرازية، وأنه ينتظر تسديد هذا الاحتياج قبل نهاية اليوم (أي قبل منتصف الليل)! وقد شعرت أنك أنت أنسب من يوصل له هذا المبلغ من دون أن يعرف أني أنا مَن قدمته. هل أستطيع أن آتي لأعطيك المبلغ لتوصله له الليلة قبل نهاية اليوم؟”

ابتسمت على الجانب الآخر من الهاتف مؤكدًا أنه يمكن أن يأتي بالمبلغ بأسرع ما يمكن، لأن الأمر سيأخذ بعض الوقت لتوصيل المبلغ لصديقنا، والوقت قد تأخر بالفعل!

الوقت تأخر! هل الوقت تأخر بالفعل؟! هكذا قلت لنفسي بعدما أغلقت الهاتف! أين الثلاثين جنيهًا؟ اليوم قارب على منتصف الليل! وها هو الرب يسدد الاحتياجات قبل نهاية اليوم! بالتأكيد هو يعتني بي، وسيدبر احتياجي قبل نهاية اليوم! هو وعدني! لن يتأخر! لا أعرف كيف! لكني أثق به! فهو لم يتراجع عن وعوده من قبل! هو إله أمانة! شكرت الرب على تسديده لاحتياجات أخي (ب. ف.)، فقد تعلمت أن معجزة أخي هي معجزتي! وقمت لأتصل به، لأخبره أن الرب أرسل له مبلغًا من المال! اتصلت به، فوجدته مصليًا منذ الصباح يطلب من الرب ثلاثمائة جنيه لتحرك كرازي وشيك! تمامًا كما شعر بالروح صديقنا (س. س.)!! قلت له متهللاً (وصبورًا) أن الرب أرسل له الثلاثمائة جنيه، وأنه يمكن أن يأتي لبيتي ليأخذها في أي وقت الليلة أو غدًا صباحًا إذا كان الوقت متأخرًا بالنسبة له. اندفع صديقي قائلاً بحماس: “سآتي في خلال نصف ساعة، أنا في انتظار هذا المبلغ منذ الصباح، أطلبه من الرب، وها قد استجاب! مجدًا للرب!” أمَّنتُ على إعطاء المجد للرب بحماس منتظرًا معجزتي!

أتى صديقي (س. س.) بعد دقائق، وترك المبلغ عندي. الساعة قاربت على الحادية عشر والنصف مساءً، وأنا في انتظار صديقي (ب. ف.) ليأخذ الثلاثمائة جنيه! في خلال نصف ساعة، وصل (ب. ف.) تحت البيت. سألني تليفونيًا هل يمكن أن يشرب معي الشاي ونقضي معًا وقتًا في الصلاة. رحبت به! صعد (ب. ف.) الأدوار الخمس بسرعة ليصل إلى شقتي.

رن جرس الباب، فتحت، لأجده – كعادة المصريين المحافظين – قد نزل صف السلالم المقابل لباب شقتي، ليكون بعيدًا بقدر المستطاع عن زاوية الرؤية داخل البيت لإعطاء فرصة لأهل البيت لاستكمال استعدادهم! قبل أن أرفع صوتي لأرحب به، رفع يده كأنه يلوح بعلامة القسم، أو كأنه يعلن للسماء أنه ينفذ بطاعةٍ ما طُلِب منه، وقال بصوت مرتفع وهو لايزال واقفًا في مكانه يفصلني عنه صف السلالم قليلة العدد: “الرب قاللي أعطيك العشور.. ثلاثين جنيهًا”!! نظرت إليه مذهولاً! ونظرت إلى ساعة الحائط المجاورة لباب شقتي، وجدتها الثانية عشرة إلا خمسة!! هلليلويا! لقد فعلها الرب مرة أخرى بدقة متناهية.. قبل منتصف الليل! فعلها بشكل مبتكَر جدًا.. معجزة بداخل معجزة!! انفجرت في الضحك من دون أن أنطق بأي كلمة!! ظن صديقي أنني اضحك لأنني أرى المبلغ بسيطًا لا يستحق رفع يديه أو صوته الجهوري! صاح مدافعًا عن أصالة الموقف قائلاً: “لا لا لا تستهين بالمبلغ! ما كنت لأفعل هذا لولا أن الرب كلمني بوضوح ودفعني لأعطيك عشور الثلاثمائة جنيه.. هذه الثلاثين جنيهًا”!! واصلت ضحكي بفرحة حقيقية وأنا أطمئنه.. اطمئن يا صديقي، فأنا أعرف صدق ما تقول.. وأعرف كم أن هذا المبلغ غالٍ وكبير جدًا! فوراءه إله أمانة قدير جدًا وكبير جدًا.. يعرف انتظاري! ويعرف كيف يهمس في أعماق النفوس خالقًا بصوته طرقًا للعبور! هو إله الأمانة الذي يفي بوعوده! يحرك الأحداث والأشخاص بكيفية معجزية لتسديد احتياجاتي! يتآمر بالكرائم لأجلي! لا يتأخر! اطمئن يا صديقي.. فهو يعرف احتياجاتنا، ونظرًا لأن الوقت مُقصِر، هو يصنع معجزتين وثلاثة وأربعة في معجزة واحدة! هو فوق الزمن.. معنا بالأمس واليوم وغدًا وإلى الأبد! قلوب الملوك بيده كجدول مياه.. يميلها حيث يشاء! ثق سيأتي في الميعاد! قبل منتصف الليل!

خادم للرب!

مزمور ٣٧

[1] لا تغَرْ مِنَ الأشرارِ، ولا تحسِدْ عُمّالَ الإثمِ، [2] فإنَّهُمْ مِثلَ الحَشيشِ سريعًا يُقطَعونَ، ومِثلَ العُشبِ الأخضَرِ يَذبُلونَ. [3] اتَّكِلْ علَى الرَّبِّ وافعَلِ الخَيرَ. اسكُنِ الأرضَ وارعَ الأمانَةَ. [4] وتَلَذَّذْ بالرَّبِّ فيُعطيَكَ سؤلَ قَلبِكَ. [5] سلِّمْ للرَّبِّ طريقَكَ واتَّكِلْ علَيهِ وهو يُجري، [6] ويُخرِجُ مِثلَ النّورِ برَّكَ، وحَقَّكَ مِثلَ الظَّهيرَةِ. [7] انتَظِرِ الرَّبَّ واصبِرْ لهُ، ولا تغَرْ مِنَ الّذي يَنجَحُ في طريقِهِ، مِنَ الرَّجُلِ المُجري مَكايِدَ. [8] كُفَّ عن الغَضَبِ، واترُكِ السَّخَطَ، ولا تغَرْ لفِعلِ الشَّرِّ، [9] لأنَّ عامِلي الشَّرِّ يُقطَعونَ، والّذينَ يَنتَظِرونَ الرَّبَّ هُم يَرِثونَ الأرضَ. [10] بَعدَ قَليلٍ لا يكونُ الشِّرّيرُ. تطَّلِعُ في مَكانِهِ فلا يكونُ. [11] أمّا الوُدَعاءُ فيَرِثونَ الأرضَ، ويَتَلَذَّذونَ في كثرَةِ السَّلامَةِ. [12] الشِّرّيرُ يتَفَكَّرُ ضِدَّ الصِّدّيقِ ويُحَرِّقُ علَيهِ أسنانَهُ. [13] الرَّبُّ يَضحَكُ بهِ لأنَّهُ رأى أنَّ يومَهُ آتٍ! [14] الأشرارُ قد سلّوا السَّيفَ ومَدّوا قَوْسَهُمْ لرَميِ المِسكينِ والفَقيرِ، لقَتلِ المُستَقيمِ طَريقُهُمْ. [15] سيفُهُمْ يَدخُلُ في قَلبِهِمْ، وقِسيُّهُمْ تنكَسِرُ. [16] القَليلُ الّذي للصِّدّيقِ خَيرٌ مِنْ ثَروَةِ أشرارٍ كثيرينَ. [17] لأنَّ سواعِدَ الأشرارِ تنكَسِرُ، وعاضِدُ الصِّدّيقينَ الرَّبُّ. [18] الرَّبُّ عارِفٌ أيّامَ الكَمَلَةِ، وميراثُهُمْ إلَى الأبدِ يكونُ. [19] لا يُخزَوْنَ في زَمَنِ السّوءِ، وفي أيّامِ الجوعِ يَشبَعونَ. [20] لأنَّ الأشرارَ يَهلِكونَ، وأعداءُ الرَّبِّ كبَهاءِ المَراعي. فنوا. كالدُّخانِ فنوا. [21] الشِّرّيرُ يَستَقرِضُ ولا يَفي، أمّا الصِّدّيقُ فيَتَرأَّفُ ويُعطي. [22] لأنَّ المُبارَكينَ مِنهُ يَرِثونَ الأرضَ، والمَلعونينَ مِنهُ يُقطَعونَ. [23] مِنْ قِبَلِ الرَّبِّ تتَثَبَّتُ خَطَواتُ الإنسانِ وفي طريقِهِ يُسَرُّ. [24] إذا سقَطَ لا يَنطَرِحُ، لأنَّ الرَّبَّ مُسنِدٌ يَدَهُ. [25] أيضًا كُنتُ فتًى وقَدْ شِختُ، ولَمْ أرَ صِدّيقًا تُخُلّيَ عنهُ، ولا ذُرّيَّةً لهُ تلتَمِسُ خُبزًا. [26] اليومَ كُلَّهُ يتَرأَّفُ ويُقرِضُ، ونَسلُهُ للبَرَكَةِ. [27] حِدْ عن الشَّرِّ وافعَلِ الخَيرَ، واسكُنْ إلَى الأبدِ. [28] لأنَّ الرَّبَّ يُحِبُّ الحَقَّ، ولا يتَخَلَّى عن أتقيائهِ. إلَى الأبدِ يُحفَظونَ. أمّا نَسلُ الأشرارِ فيَنقَطِعُ. [29] الصِّدّيقونَ يَرِثونَ الأرضَ ويَسكُنونَها إلَى الأبدِ. [30] فمُ الصِّدّيقِ يَلهَجُ بالحِكمَةِ، ولِسانُهُ يَنطِقُ بالحَقِّ. [31] شَريعَةُ إلهِهِ في قَلبِهِ. لا تتَقَلقَلُ خَطَواتُهُ. [32] الشِّرّيرُ يُراقِبُ الصِّدّيقَ مُحاوِلًا أنْ يُميتَهُ. [33] الرَّبُّ لا يترُكُهُ في يَدِهِ، ولا يَحكُمُ علَيهِ عِندَ مُحاكَمَتِهِ. [34] انتَظِرِ الرَّبَّ واحفَظْ طريقَهُ، فيَرفَعَكَ لتَرِثَ الأرضَ. إلَى انقِراضِ الأشرارِ تنظُرُ. [35] قد رأيتُ الشِّرّيرَ عاتيًا، وارِفًا مِثلَ شَجَرَةٍ شارِقَةٍ ناضِرَةٍ. [36] عَبَرَ فإذا هو ليس بمَوْجودٍ، والتَمَستُهُ فلم يوجَدْ. [37] لاحِظِ الكامِلَ وانظُرِ المُستَقيمَ، فإنَّ العَقِبَ لإنسانِ السَّلامَةِ. [38] أمّا الأشرارُ فيُبادونَ جميعًا. عَقِبُ الأشرارِ يَنقَطِعُ. [39] أمّا خَلاصُ الصِّدّيقينَ فمِنْ قِبَلِ الرَّبِّ، حِصنِهمْ في زَمانِ الضّيقِ. [40] ويُعينُهُمُ الرَّبُّ ويُنَجّيهِمْ. يُنقِذُهُمْ مِنَ الأشرارِ ويُخَلِّصُهُمْ، لأنَّهُمُ احتَمَوْا بهِ.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *