الشاهد الأساسي:
"وَإِنَّمَا إِنْ كَانَ أَحَدُكُمْ تُعْوِزُهُ حِكْمَةٌ، فَلْيَطْلُبْ مِنَ اللهِ الَّذِي يُعْطِي الْجَمِيعَ بِسَخَاءٍ وَلاَ يُعَيِّرُ، فَسَيُعْطَى لَهُ".
(يع۱: ٥)
في الجزء الأول من هذا المقال التعليمي عن الحكمة، تحدثنا عن تعريف الحكمة، وعن أسباب احتياجنا للحكمة الإلهية,,, ولمراجعة هذه النقاط الهامة يمكن للقاريء العزيز تَصَفُح الجزء الأول من هذا المقال.
في هذا الجزء (الثاني) سنتحدث عن صفات الحكمة الإلهية.. أو ما الذي يميز الحكمة الإلهية..
وفي الجزء الأخير (الثالث) سنتحدث عن اختبار مقدار الحكمة في حياة الشخص، أو كيف أعرف هل أنا حكيم أم لا؟..
صفات الحكمة الإلهية:
يخبرنا سفر الأمثال عن الحكمة قائلاً: “اَلْحِكْمَةُ بَنَتْ بَيْتَهَا. نَحَتَتْ أَعْمِدَتَهَا السَّبْعَةَ…” (أم۹: ۱).. وبحسب هذه الكلمات، فإن للحكمة سبعة أعمدة، أو يمكننا أن ندعوها سبعة صفات أساسية، وهذه الصفات تُشكِل الأعمدة التي يُبنَى عليها بيت الحكمة..
كلمات سفر الأمثال هذه كتبها سليمان الحكيم في النصف الثاني من القرن العاشر قبل الميلاد تقريبًا. ويأتي بعده الرسول يعقوب – أحد رسل العهد الجديد – بما يَقرُب من ألف عام تقريبًا، ليعرفنا بصفات الحكمة السبعة في رسالته التي كتبها حوالي سنة ٥۰ ميلاديًا.. يقول الرسول يعقوب مُوضحًا لنا صفات الحكمة الإلهية السبعة: “وَأَمَّا الْحِكْمَةُ الَّتِي مِنْ فَوْقُ فَهِيَ أَوَّلاً طَاهِرَةٌ، ثُمَّ مُسَالِمَةٌ، مُتَرَفِّقَةٌ، مُذْعِنَةٌ، مَمْلُوَّةٌ رَحْمَةً وَأَثْمَارًا صَالِحَةً، عَدِيمَةُ الرَّيْبِ وَ[عديمة]الرِّيَاءِ..” (يع۳: ۱۷)..
وسوف نتناول بالدراسة كل صفة من هذه الصفات السبعة في السطور الآتية، وتأثيرها وسط جماعة الرب
۱- الحكمة الإلهية هي حكمة طاهرة:
(طاهرة) في الأصل كلمة يونانية تُنطَق (آجني)، وتعطي معنى (عفيفة، بريئة، نقية).. والكلمة تأتي من نفس الأصل الذي جاءت منه كلمة (تكريس، تخصيص).. الحكمة الإلهية التي من عند الرب تجعل صاحبها مُكرَسًا مُخصَصًا للرب، يسلك ببساطة حقيقية وبراءة ونقاء تجاه الآخرين.. الحكمة الإلهية تجعل الشخص صاحب ذهن مُوَحَّد (single–minded)، بسيط وبريء في نظرته للأمور، مثل الله، ليس منقسم الذهن (double–minded).. لا يضع دائمًا افتراضات سيئة وراء تصرفات إخوته في الكنيسة أو جماعة الخدمة..
كان آدم قبل السقوط صاحب ذهن ذي اتجاه واحد.. كان ذهنه نقيًا، لا يفهم الأمور بشكل مُلوَث بالخطية.. الفهم المزدوج للأمور وربط تصرفات الإخوة دائمًا باحتمالية أمور شريرة بالتأكيد ليس حكمة إلهية، لكنه نتاج السقوط في الخطية.. نتاج الأكل من شجرة معرفة الخير والشر! التي لابد أن يتنقى منها المؤمن الحقيقي المغسول بدم الرب!!
الحكمة الحقيقية النقية عندما تملأ الإنسان، تجعله لا يفكر في الأمور بشكل مُلوَث بالخطية أو بالخوف.. وعلى عكس الحكمة الشيطانية، التي تجعل الشخص مُتشكِكًا في مَن حوله رابطًا الأمور دائمًا بالخطية والنجاسة، فإن الحكمة الإلهية دائمًا ترى النقاء ولا تعرف الأمور ذات المعنيين!! فليس الخادم الحكيم في وسط الكنيسة هو مَن يحيا مُتشكِكًا في مَن حوله ممَن يخدمهم!! إنما الخادم الحكيم هو مَن يرى الذين يخدمهم بعين الرب البسيطة، وفي نفس الوقت يكون واثقًا أنَّ الرب سيكشف له المشاكل الحقيقية في حياة النفوس في أوقاتها..
٢- الحكمة الإلهية هي حكمة مُسالِمَة:
(مُسَالِمَة) في الأصل كلمة يونانية تُنطَق (إيرينيكي) وتعطي معنى (السلام والهدوء).. وهي من نفس أصل الأفعال التي تأتي بمعنى (يحفظ السلام – يُسوي خلاف – ينسجم – يسترضي – يبحث عن الأمور المشتركة)..
الحكمة الإلهية الحقيقية دائمًا تبحث عن السلام. الأخ الحكيم حقًا هو مَن يصنع سلامًا وهدوءًا في الجسد في وسط كنيسة الرب.. قابلت إخوة في بعض الكنائس والجماعات الروحية، وتحت مُسمَّى الحق والعدل، وفي مرات تحت مُسمَى النبوة، يثيرون مشاكل مُتعددة!! ويوقعون ما بين الإخوة!! بالتأكيد هذه ليست الحكمة الإلهية.. هذا هو زرع إبليس الذي يأتي بالأمراض الروحية والجسدية وسط كنيسة المسيح!!
الأخ الحكيم حقًا هو مَن يستر خطايا غيره.. وهو مَن يجول صانعًا سلامًا حقيقيًا بين المتنازعيين في الكنيسة!! الأخ الحكيم حقًا هو مَن يبحث عن الأمور المشتركة بين الإخوة، ليتحدث عنها ويقربهم من بعضهم البعض!! الأخ الحكيم هو مَن يبحث عن الأمور التي تجعله ينسجم مع إخوته في الجسد. لا ينظر دائمًا لاختلافه عنهم أو اختلافهم عنه.. وبهذا يجد دائمًا موضوعات مُشتركة وأمور يمكن أن تجعله يتقرب من إخوته في محبة حقيقية.. بعض المؤمنين الأحباء تركوا أماكن خدمتهم وكنائسهم فقط لأنهم لم يتوافقوا مع باقي الإخوة، والبعض الآخر، لنفس السبب، يعيش مُنعزلاً وسط كنيسته التي وضعه فيها الرب!! بالتأكيد هؤلاء الأحباء في احتياج للحكمة التي تمكنهم من اكتشاف الأمور المشتركة بينهم وبين الآخرين، والعمل على تنميتها، ليحدث انسجامًا حقيقيًا بالروح وسط جسد المسيح.
۳- الحكمة الإلهية هي حكمة مُتَرفِقَة:
(مُتَرفِقَة) الأصل كلمة يونانية تُنطَق (إِبيِّكيس) وتعطي معنى (لطيفة ووديعة).. يقول الرسول يعقوب في بداية كلماته عن الحكمة: “مَنْ هُوَ حَكِيمٌ وَعَالِمٌ بَيْنَكُمْ، فَلْيُرِ أَعْمَالَهُ بِالتَّصَرُّفِ الْحَسَنِ فِي وَدَاعَةِ الْحِكْمَةِ.” (يع۳: ۱۳).. الحكمة الحقيقية تعطي صاحبها أن يتصرف في المواقف المختلفة بوداعة.. قد تأتي أوقات يشعر الإنسان بالاستفزاز من أخطاء الآخرين! قد يُخطأ الآخرين أخطاء حقيقية تجعلك داخليًا مُنفعلاً وتريد أن تفرغ انفعالك بغضب فيهم.. الحكمة الحقيقية تعطي ضبط نفس ووداعة حقيقية في هذه المواقف!!..
من سنوات، لاحظت كمُرشد روحي لحياة أحد الأشخاص الأحباء الذين يخدمون الرب، أن هذا الشخص كان دائم الإهمال في خدمته، وفي مرات رغم التوجيهات المتتالية، كان لا يُبالي بما عليه من دور في الخدمة.. في مرات كنت أشعر إني أريد أن أصيح في وجهه مُعنفًا إياه بشدة!! لكن كان الروح القدس باستمرار يقودني لأن أتعامل معه بترفق.. روح الحكمة كان يرى الاحتياج الحقيقي لهذا الشخص، وهو القبول.. وصرت افتح قلبي لروح الله ليملأني بحكمته المُترفقة في تعاملاتي مع هذا الشخص.. مع مرور الوقت هذا الشخص تغير تمامًا!! وصار خادمًا حقيقيًا يخدم الرب بكل قلبه وبتمييز حقيقي!! هلليلويا.. الحكمة الحقيقية مُترفقة وتعطي نتائج أكيدة وثابتة.. مجدًا للرب!
٤- الحكمة الإلهية هي حكمة مُذعِنَة:
(مُذعِنَة) الأصل كلمة يونانية تُنطَق (إبيثِيس) وتعطي معنى (يُراعِي ويطيع بسهولة ومُسَايِر).. الزوجة الحكيمة تُطيع زوجها بسهولة في الرب.. الابن الحكيم يطيع والديه بسهولة في الرب.. الشخص الحكيم يطيع مرشده الروحي بسهولة في الرب.. الحكمة الحقيقية هي حكمة غير معاندة. إنها حكمة طَيِّعة مرنة.. الشخص الحكيم هو شخص سهل التشكيل ومَرِن في أعماقه.. عندما يخضع الحكيم، لا يخضع مُتضَرِرًا ومُتَوَجِمًا ومُتَجَهِمًا!! إنما يخضع فرحًا مُسَبِحًا مصليًا شاكرًا!!
الشخص الحكيم هو شخص سهل في التعامل مع المتغيرات.. يراعي تَغيُر ظروف الآخرين ويراعي العوامل المحيطة التي قد تؤثر في مَن حوله، فتجعلهم غير قادرين على الالتزام بما عليهم كما ينبغي!! الحكيم مُسَايِر.. غير مُتَمَسِك بصورة محددة ينبغي أن تُفعَل بها الأمور.. الحكيم يرى الأمور بنظرة مُتسعة، تُمكِنه من احتواء الاختلافات.. الأمور المختلفة.. والأشخاص المختلفين.. الحكيم مرن، ومطيع في الأوقات التي ينبغي أن يطيع فيها.. وطاعته هي طاعة سهلة لا تضغط عليه ولا تضغط على الآخرين!
٥- الحكمة الإلهية هي حكمة مملوءة رحمة وأثمارًا صالحة:
(مملوءة رحمة وأثمارًا صالحة)… أحد صفات الحكمة الحقيقية أنها تجعل صاحبها رحيمًا.. الشخص الحكيم يجد نفسه ممتلئًا بالرحمة.. فالحكمة الإلهية والرحمة صفتان متلازمتان!! عندما يملأني روح الحكمة، فإنه يُظهِر فيّ يسوع.. ويسوع هو ربٌ رحيم.. رحيم جدًا!! كم مرة نقرأ في الأناجيل عبارة “تحنن يسوع”؟! يسوع دائم التحنن.. في أيام جسده على الأرض كان دائم التحنن والرحمة.. تعامل يسوع مع فئات مُهانة ومُهملة من المجتمع بمنتهى الرحمة.. تعامل مع أشخاص مرفوضين لا يتعامل معهم أحد بمنتهى الرحمة.. آه هلليلويا!! كم أحب رحمة يسوع!!
يقول الكتاب: “اَلرَّجُلُ الرَّحِيمُ يُحْسِنُ إِلَى نَفْسِهِ، وَالْقَاسِي يُكَدِّرُ لَحْمَهُ” (أم۱۱: ۷).. كم من مرات قد يصنع الإنسان رحمة مع غيره، فإذا به يجد مكافآت الرب له أعظم بكثير مما صنعه من رحمة!
أعرف أخًا ملأه الروح القدس ذات مرة، ففاضت في قلبه رحمة الله بشكل مميز جدًا، وقد قَبِّل أن يستضيف في سيارته أناس فقراء جدًا ويوصلهم من مكان لمكان.. وإذا به يكتشف من خلال عدة دلائل أكيدة، أنه قد استضاف ملائكة الرب.. ملائكة حقيقيين في سيارته!! وقد امتلأت سيارته بحضور مميز جدًا للرب شَهِدَ عنه كثيرين لشهور عديدة!! واختبر بالحق كلمات الكتاب: “لا تَنْسَوْا إِضَافَةَ الْغُرَبَاءِ، لأَنْ بِهَا أَضَافَ أُنَاسٌ مَلاَئِكَةً وَهُمْ لاَ يَدْرُونَ” (عب۱۳: ٢)..
عزيزي القاريء، إذا كنت شخصًا قد ميزك الرب بإمكانيات متميزة ومؤهلات عالية، اسمح لي أن أهمس في أذنك بكلمات أشعرها من الرب: (كن قريبًا من البسطاء.. لتصلي أن الرب يسكب في قلبك حكمته الممتلئة بالرحمة التي تجعلك تثمر أثمارًا صالحة في حياة البسطاء من الأخوة)!!..
يحكي لنا سفر أعمال الرسل عن طابيثا، هذه التلميذة التي كانت ممتلئة أعمالاً صالحة واحسانات (أع ۹: ۳٦- ٤۳)، وعندما ماتت أقامها بطرس بقوة الرب يسوع.. لديّ اقتناع شخصي أن طابيثا بالتأكيد كانت تلميذة حكيمة لأنها عاشت حياة ممتلئة بالعطاء لكنيسة الرب.. لكن أيضًا لديّ اقتناع شخصي أن حياة طابيثا التي امتلأت بالرحمة والعطاء كانت مفتاحًا لتدفق المسحة في بيت طابيثا.. مما سهل جدًا معجزة قيامتها من الأموات!!.. ليعطنا الرب ان نمتليء بالحكمة المملوءة بالرحمة والأثمار الصالحة!
٦- الحكمة الإلهية هي حكمة عَدِيمَةُ الرَّيْبِ:
العبارة (عَدِيمَةُ الرَّيْبِ) في الأصل اليوناني هي كلمة واحدة تُنطَق (إدْيَاكْرِيتُوس).. وتعطي معنى (غير مُتحيزة – ثابتة وغير مترددة وعديمة الشك – غير مترنحة أو متمايلة).
الحكمة الإلهية تجعل صاحبها غير مُتَحيز!! الحكمة الحقيقية تجعل صاحبها حياديًا عندما يُحكِمه الآخرون في خلافاتهم، فلا ينحاز لطرف على حساب الآخر بسبب علاقات خاصة أو صداقة! عندما تحدث مشكلة ما بين اثنين من أعضاء الكنيسة أو الجسد الواحد، فإن القائد الحكيم يسمع لكل منهما على حدة، ولا ينحاز لشخص على حساب الآخر. لكن الحكمة تملأه بالحيادية وهذا يساعده على رؤية الحقيقة، وعلى الحكم الصحيح على الأمور!
الحكيم حكمته تطرد التردد والتذبذب من حياته.. كثيرًا ما تتعطل قرارات في حياتنا بسبب التردد والخوف، وقد نحسب أن هذه حكمة!! ولكن الحكمة الحقيقية تعلمنا الانتظار أمام الرب والهدوء في محضره لسماع صوته في أمورنا المختلفة، وعندما نسمع صوت الرب، فإن الحكمة الحقيقية تطرد كل تردد من داخلنا وتقودنا في طرق الرب بعملية.. ليس هناك خطأ في أن تطول فترة اتخاذ القرار، لأننا في أحيان نحتاج وقت لنتأكد من أننا نسمع الرب ونفهمه بطريقة صحيحة. ولكن إذا طال وقت اتخاذ القرار بسبب التردد، ومع إني قد أخذت من الرب إشارة التحرك، فهذه ليست حكمة، وقد يتعرض الشخص لفقدان مشيئة الرب في أمر ما بسبب التأخير الغير حكيم!!
أيضًا فإن الحكيم لا يترنح في اتخاذ القرارات.. فالحكيم ليس صاحب رأي في ساعة وصاحب رأي آخر في ساعة أخرى! الحكيم ثابت.. يقول الكتاب: “رَجُلٌ ذُو رَأْيَيْنِ هُوَ مُتَقَلْقِلٌ فِي جَمِيعِ طُرُقِهِ..” (يع۱: ٨).. في مرات عند اتخاذ قرارات معينة، يعلن الرب بوضوح مشيئته للإنسان بدون عناء.. لكن يُدخِل الإنسان نفسه في عناء وتردد بمحاولاته للبحث والتعرف على كل البدائل المُتاحة برغم إعلان الرب عن مشيئته!! في مرات يقول الشخص “حسنًا لقد عرفت مشيئة الرب في هذا الأمر، لكن لا بأس في أن أبحث وأتعرف على كل الاختيارات المُتاحة، قبل أن أتحرك في مشيئة الرب”.. ولكن للأسف، قد يؤدي هذا في مرات إلى التشتيت والخلط وضياع الرؤية الإلهية!! فمثلاً، قد يعلن الرب لأخ ما عن مشيئته في أن يسافر هذا الأخ إلى بلد معين، وبالفعل يفتح الرب الباب للسفر.. ويكون هذا الأخ متأكدًا من مشيئة الرب، وعليه أن يتحرك فيها، فإذا به يقرر أن يطرق أبوابًا في بلاد أخرى ليقارن ما بين مستوى المعيشة في هذه البلاد الأخرى ومستوى المعيشة في البلد التي يقوده الرب إليها!! ولا يدري صاحبنا أنه بهذا يفتح الباب للعدو ليشككه في مشيئة الرب ويُشوش عليه.. صديقي، إذا تأكدت من مشيئة الرب، امض فيها بكل قوة وسلام وأمان.. فحيث يقودك الرب، سيكون معك!
۷- الحكمة الإلهية هي حكمة عَدِيمَةُ الرِّيَاءِ:
العبارة (عَدِيمَةُ الرِّيَاءِ) في الأصل اليوناني هي كلمة واحدة تُنطَق (أنوبُوكْريتُوس).. وتعطي معنى (صادق ومخلص وحقيقي وأصيل – وبلا رياء وغير زائف وبلا نفاق)..
الشخص الحكيم لا يُنافق!! والحكيم لا يُظهِر عكس ما يُبطِن!! يحاول العالم جاهدًا أن يقنعنا بأن الحكيم هو مَن يتلوّن لأجل مصلحته، ولكن هذه هي الحكمة الأرضية النفسانية الشيطانية!! الحكمة الإلهية صادقة وبلا رياء – لا تُخرِج أمورًا مزيفة، ولا تحجز الحق في الوقت الصحيح لإذاعته، رغبةً في إنقاذ نفسها!!
الشخص الحكيم ليس هو الشخص الذي يمتدح الناس بما ليس فيهم! الحكيم هو مَن تُمكِنه حكمته من اكتشاف المميزات الحقيقية في النفوس، فيمتدحهم بالصدق! العين الحكيمة هي العين التي ترى اللآليء وسط المحار! واللسان الحكيم هو اللسان الذي يمتدح بالحق ويشجع بالروح، فيُشعل النفوس بفرح الرب!
الحكيم لا يخدم بتدين.. والحكيم مع أنه يلتزم بخدمته حتى في الأوقات التي لا يشعر فيها بتوهج روحي، إلا أنّه بسبب الحكمة لا يترك نفسه للبرودة! لكن مع التزامه بخدمته يصلي باجتهاد ليسترد اشتعاله بحب الرب وتوهجه الروحي! الحكيم ينقض على البرودة الروحية مُحاربًا إياها بلا هوادة – لتأتي النار وتلتهم البرودة، فلا تخرج الخدمة مزيفة أو باردة..
عزيزي القاريء، في نهاية هذا الجزء من مقال الحكمة، تستطيع بالطبع أن تختبر في ظل ما قرأته نوعية الحكمة الموجودة في حياتك.. هل هي الحكمة الإلهية النازلة من فوق.. أمْ هي…؟!! وأصلي أن نجد أنفسنا جميعًا ممتلئين بحكمة الروح القدس.. في الجزء القادم، وهو الجزء الأخير من هذا المقال، سندرس معًا اختبار مقدار الحكمة في حياتنا، وسنعرف معًا مفاتيح تساعدنا للإجابة على السؤال “إلى أي مقدار أنا أحيا حياة الحكمة الإلهية”.. الرب معك!..
1 فكرة عن “الْحِكْمَة… (الجزء الثاني)”
هللويااا. مجدللرب